للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّاسِ , مَصْرُوفًا أَمْرُ فَاعِلِ ذَلِكَ إِلَى مَا نَوَاهُ بِقَلْبِهِ وَأَرَادَهُ فِي نَفْسِهِ , فَإِنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ وَبَرَاءَةً مِنَ الْكُفْرِ , فَهِجْرَتُهُ هُنَالِكَ هِجْرَةٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَإِنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ تَطْلُبُ دُنْيَا أَمَّلَهَا أَوِ امْرَأَةً أَرَادَ نِكَاحِهَا وَالْوُصُولَ إِلَيْهَا , فَهِجْرَتُهُ لِمَا هَاجَرَ لَهُ , وَلَيْسَتْ بِالْهِجْرَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ وَوَعَدَهُمْ عَلَيْهَا الْجَزِيلَ مِنَ الثَّوَابِ. فَكَذَلِكَ الصَّائِمُ شَهْرَ رَمَضَانَ بُنَيَّةِ التَّطَوُّعِ وَقَضَاءِ النَّذْرِ , وَالْغَاسِلُ أَعْضَاءَ الْوضُوءِ , وَالْمُتَجَرِّدُ مِنْ ثِيَابِهِ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يَنْوِي بِذَلِكَ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ عَنْ غَيْرِهِ , وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ هَذَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا يَفْعَلُهُ الصَّائِمُ الصَّوْمَ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ فِي الظَّاهِرِ , وَغَسَلَ هَذَا مِنَ الْأَعْضَاءِ مَا أَمَرَ اللَّهُ الْمُتَطَهِّرَ بِغَسْلِهِ مِنْهَا , وَفَعَلَ هَذَا فِي إِحْرَامِهِ , مَا يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي حَجِّهِ الْفَرْضِ , فَإِنَّهُ غَيْرُ قَاضٍ مَا عَلَيْهِ مِنْ فَرَضِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ الَّذِي عَمِلَهُ لِمَا نَوَاهُ وَأَرَادَهُ دُونَ مَا لَمْ يَنْوِهِ وَلَمْ يُرِدْهُ. وَلَوْ كَانَ جَائِزًا صَرْفُ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَهُ بِغَيْرِ نِيَّةِ أَدَاءِ فَرْضِ اللَّهِ الَّذِي أَلْزَمَهُ إِيَّاهُ , لِمُوَافَقَتِهِ فِي الظَّاهِرِ عَمَلَ مَنْ عَمِلَ ذَلِكَ مَرِيدًا بِهِ أَدَاءَ فَرْضِ اللَّهِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ , جَازَ صَرْفُ عَمَلِ مَنْ عَمِلَ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي أَلْزَمَ اللَّهُ عِبَادَهُ فَرْضَهَا بِنِيَّةِ أَدَاءِ فَرْضِ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ , إِلَى غَيْرِ الَّذِي نَوَاهُ وَأَرَادَهُ , حَتَّى يَكُونَ وَإِنْ أَصَابَ فِي عَمَلِهِ ذَلِكَ جَمِيعَ شَرَائِطِهِ الَّتِي أَلْزَمَهَا اللَّهُ إِيَّاهُ غَيْرَ قَاضٍ مَا عَلَيْهِ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ وَلَا مُؤَدٍ مَا لَزِمَهُ مِنْهُ. وَفِي إِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى فَسَادِ الْقَوْلِ بِذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>