١٢٢٤ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ , حَدَّثَنَا آدَمُ , حَدَّثَنَا شَيْبَانُ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ هِلَالٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» , حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَوْزَجَانِيُّ , حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ , حَدَّثَنَا شَيْبَانُ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَأَمَّا الَّذِينَ اخْتَارُوا صَوْمَ ذَلِكَ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّمَا جَعَلْنَا ذَلِكَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ , لِيَكُونَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِنَا فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ أَيَّامِ الشَّهْرِ , وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: أَنَّ جَمِيعَ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , صِحَاحٌ , وَإِنَّ ذَلِكَ إِذْ كَانَ كَذَلِكَ , وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا عَنْهُ أَنَّهُ اخْتَارَ لِمَنْ أَرَادَ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ مِنَ الشَّهْرِ الْأَيَّامِ الْبِيضِ , فَالصَّوَابُ لِمَنْ أَرَادَ صَوْمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ أَنْ يَجْعَلَهُنَّ الْأَيَّامَ الَّتِي اخْتَارَهُنَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ ذَكَرْنَا اخْتِيَارَهُ لَهُ , وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ صَوْمَ مَا شَاءَ مِنْ أَيَّامِ الشَّهْرِ , إِذْ كَانَ ذَلِكَ نَفْلًا , لَا فَرْضًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَوَلَيْسَ قَدْ رَوَيْتَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ وَالْخَمِيسَ , وَأَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الثَّلَاثَ مِنْ غُرَّةِ الشَّهْرِ؟ قِيلَ لَهُ: إِنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى أَنَّ الَّذِيَ اخْتَارَ ⦗٨٦٤⦘ لِلْأَعْرَابِيِّ مِنْ تَصْيِيرِ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ مِنَ الشَّهْرِ الْغُرَّ الْبِيضَ لَيْسَ كَمَا اخْتَارَ , وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ لِلْأَعْرَابِيِّ بِمَا أَمَرَهُ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْأَمْرِ الْوَاجِبِ , وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ نَدْبٌ وَإِرْشَادٌ , وَأَنَّ لِمَنْ كَانَ مِنْ أُمَّتِهِ مُرِيدًا صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَخَيَّرَ مَا أَحَبَّ مِنَ الشَّهْرِ , فَيُجْعَلُ صَوْمَهُ فِيمَا اخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ , كَمَا كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ , فَيَصُومُ مَرَّةً الْأَيَّامَ الْبِيضَ , وَمَرَّةً مِنْ غُرَّةِ الْهِلَالِ , وَمَرَّةً الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ وَالْخَمِيسَ , إِذْ كَانَ لِأُمَّتِهِ الِاسْتِنَانُ بِهِ فِيمَا لَمْ يُعْلِمْهُمْ أَنَّهُ لَهُ خَاصَّةً دُونَهُمْ فَالِاخْتِيَارُ لِمَنْ أَرَادَ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَصْيِيرُ ذَلِكَ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي اخْتَارَهُنَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ وَنَدَبَهُ إِلَى صَوْمِهِنَّ , وَذَلِكَ صَوْمُ الْأَيَّامِ الْبِيضِ , وَلَهُ إِنْ شَاءَ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِيَارُ لَهُ , أَنْ يَجْعَلَهُنَّ مِنْ غُرَّةِ الْهِلَالِ , وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهُنَّ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ وَالْخَمِيسَ , وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهُنَّ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ , فَذَلِكَ كُلُّهُ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِيهِ , غَيْرُ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ , كَالَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ: «اجْعَلْهُنَّ الزُّهْرَ الْبِيضَ» وَعَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: الزُّهْرَ , إِمَّا جَمْعُ زَهْرَاءَ أَوْ أَزْهَرَ , وَالزَّهْرَاءُ الْبَيْضَاءُ النَّقِيَّةُ الْبَيَاضِ فِي حُسْنٍ يُقَالُ مِنْهُ: هَذِهِ امْرَأَةٌ زَهْرَاءُ , وَهَذَا رَجُلٌ أَزْهَرُ , وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى أَلْوَانِهِمَا الْبَيَاضُ فِي حُسْنٍ وَبَهَاءٍ , وَمِنْهُ الْخَبَرُ عَنْ أَنَسٍ ⦗٨٦٥⦘: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ , وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ: أَنَّهُ كَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ , وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي دُهْبُلٍ الْجُمَحِيِّ فِي صِفَةِ جَارِيَةٍ:
[البحر الخفيف]
وَهِيَ زَهْرَاءُ مِثْلُ لُؤْلُؤَةِ الْغَوَّاصِ ... مِيزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونٍ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى فِي صِفَةِ إِبْرِيقٍ:
[البحر المتقارب]
إِذَا انْكَبَّ أَزْهَرُ بَيْنَ السُّقَاةِ ... تَرَامَوْا بِهِ غَزَبًا أَوْ نُضَارًا
وَمِنْهُ قِيلَ لِلسِّرَاجِ إِذَا كَانَ يُضِيءُ: هُوَ يَزْهَرُ , وَأَرَى أَنَّ النَّجْمَ الَّذِي يُسَمَّى الزُّهَرَةَ سُمِّيَ زُهَرَةَ لِإِضَاءَتِهِ وَصَفَاءِ نُورِهِ , وَأَمَّا قَوْلُهُ: الْغُرُّ فَإِنَّهُ عَنَى بِالْغُرِّ إِمَّا جَمْعَ غَرَّاءَ أَوْ أَغَرَّ , وَالْأَغَرُّ الْأَبْيَضُ الْحَسَنُ , وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلثَّنَايَا إِذَا كَانَتْ بِيضًا حِسَانًا: هُنَّ غُرٌّ: وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرِ بْنِ عَطِيَّةَ فِي صِفَةِ أَسْنَانِ امْرَأَةٍ:
[البحر الكامل]
تُجْرِي السِّوَاكَ عَلَى أَغَرَّ كَأَنَّهُ بُرْدٌ ... تَحَدَّرَ مِنْ مُتُونِ غَمَامِ
وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْفَرَسِ إِذَا كَانَ فِي أَرْسَاغِهِ أَوْ فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ يُخَالِفُ لَوْنَ سَائِرِ جِلْدِهِ: أَغَرَّ , وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
⦗٨٦٦⦘
وَمَا يَنْظُرُ الْحُكَّامُ بِالْفَصْلِ بَعْدَمَا ... بَدَا وَاضِحٌ ذُو غُرَّةٍ وَحُجُولِ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ: كَذَبْتُمْ , وَبَيْتِ اللَّهِ , لَا تَقْتُلُونَهُ وَلَمَّا يَكُنْ يَوْمٌ أَغَرُّ مُحَجَّلُ وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِإِبِلٍ غُرِّ الذُّرَى , يَعْنِي بِذَلِكَ بِيضَ الْأَسْنِمَةِ. وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ , أَعْنَى الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ بِيضًا , وَإِنَّمَا الْمَوْصُوفُ بِذَلِكَ لَيَالِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ , إِذْ كَانَتِ الْأَيَّامُ إِذَا جُمِعَتْ دَخَلَ النَّهَارُ مَعَ اللَّيْلِ فِي الْعَدَدِ , فَيُقَالُ: كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا عَشْرَةَ أَيَّامٍ , يَعْنِي بِذَلِكَ: اللَّيَالِيَ وَالْأَيَّامَ فَلِذَلِكَ قِيلَ: الْأَيَّامُ الْبِيضُ , وَإِنْ كَانَتِ الْعَرَبُ إِنَّمَا تَصُفُّ بِذَلِكَ لَيَالِيَ هَذِهِ الْأَيَّامِ , وَإِنَّمَا قِيلَ لِهَذِهِ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ: بِيضٌ لِبَيَاضِهِنَّ بِطُلُوعِ الْقَمَرِ فِيهِنَّ مِنْ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ يُضِيءَ الْفَجْرُ , فَيَغْلُبَ ضَوْءُهُ عَلَى ضَوْءِ الْقَمَرِ , وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ هَذِهِ اللَّيَالِي عِنْدَ الْعَرَبِ اسْمٌ , فَلَيْلَةُ الثَّلَاثِ عَشْرَةَ تُسَمِّيهَا لَيْلَةُ السَّوَاءِ , لِأَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهَا الْقَمَرُ وَيَعْتَدِلُ وَيَتَنَاهَى تَمَامُهُ , وَهِيَ لَيْلَةُ التَّمَامِ , ⦗٨٦٧⦘ يُقَالُ: هَذِهِ لَيْلَةُ تَمَامِ الْقَمَرِ , وَذَلِكَ وَفَاءُ ثَلَاثِ عَشْرَةَ , وَأَمَّا لَيْلَةُ الْأَرْبَعِ عَشْرَةَ , فَإِنَّهَا تُسَمَّى لَيْلَةَ الْبَدْرِ , لِأَنَّ الْقَمَرَ يُبَادِرُ الشَّمْسَ بِالْغَدَاةِ وَيَطْلُعُ بِالْعَشِيِّ قَبْلَ غُرُوبِهَا , وَأَمَّا لَيْلَةُ الْخَمْسِ عَشْرَةَ فَلَيْلَةُ النِّصْفِ. وَأَمَّا قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: فَسَعَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ فَلَغَبُوا , فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَغَبُوا , نَصَبُوا وَتَعِبُوا , يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ لَغَبَ فُلَانٌ فَهُوَ يَلْغَبُ لَغْبًا وَلُغُوبًا , إِذَا أَعْيَى وَنَصَبَ وَمِنَ اللُّغُوبِ قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: ٣٨] يَعْنِي: مِنْ عَنَاءٍ وَنَصَبٍ , وَأَمَّا قَوْلُ خُزَيْمَةَ بْنِ جُزْءٍ , قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جِئْتُ أَسْأَلُكُ عَنْ أَحْنَاشِ الْأَرْضِ , فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْأَحْنَاشِ هَاهُنَا دَوَابَّ الْأَرْضِ الَّتِي تَدُبُّ عَلَيْهَا , وَيُقَالُ لِجِنْسٍ مِنَ الْحَيَّاتِ مَعْرُوفٍ بِأَعْيَانِهَا: أَحْنَاشٌ وَاحِدُهَا حَنَشٌ , وَذَلِكَ لَهَا اسْمٌ , وَأَمَّا قَوْلُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: فَذَكَّاهُمَا بِمَرْوَةٍ فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْمَرْوَةِ حَجَرًا صَغِيرًا , وَجَمْعُهَا مَرْوٌ , وَالْمَرْوُ عِنْدَ الْعَرَبِ هِيَ الْحَصَا الصِّغَارُ , يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْأَعْشَى فِي صِفَةِ نَاقَةٍ ⦗٨٦٨⦘: وَتُوَلِّي الْأَرْضَ خُفًّا ذَابِلًا فَإِذَا مَا صَادَفَ الْمَرْوَ رَضَحْ يَعْنِي بِالْمَرْوِ جَمْعَ مَرْوَةٍ , وَمِنَ الْمَرْوَةِ قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ:
[البحر الكامل]
حَتَّى كَأَنِّي لِلْحَوَادِثِ مَرْوَةٌ ... بِصَفَا الْمُشَرَّقِ كُلَّ يَوْمٍ تُقْرَعُ
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي الْأَرْنَبِ: زَعَمُوا أَنَّهَا تَطْمُثُ , فَإِنَّ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِيهِ اخْتِلَافًا فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: الطَّمْثُ هُوَ الْجِمَاعُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ تَدْمِيَةُ الْمُجَامَعَةِ , وَيَقُولُ: ذَلِكَ الدَّمُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنَ فَرْجِ الْأُنْثَى مَعَ الْجِمَاعِ هُوَ الطَّمْثُ وَيَقُولُ آخَرُونَ: بَلِ الطَّمْثُ هُوَ الْمَسِيسُ وَالْمُبَاشَرَةُ , وَحَكَى قَائِلُ ذَلِكَ ⦗٨٦٩⦘ عَنِ الْعَرَبِ سَمَاعًا أَنَّهَا تَقُولُ: مَا طَمَثَ هَذَا الْبَعِيرَ حَبْلٌ قَطُّ , بِمَعْنَى مَا مَسَّهُ حَبْلٌ قَطُّ , وَقَالَ آخَرُونَ: الطَّمْثُ هُوَ الْحَيْضُ بِعَيْنِهِ , وَالَّذِي خَاطَبَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ بِالَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَا نَرَاهُ أَرَادَ إِلَّا الْحَيْضَ , وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: ٥٦] , فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ هَذِهِ الْأَوْجُهَ كُلَّهَا وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِنَا جَامِعِ الْبَيَانِ عَنْ تَأْوِيلِ آيِ الْقُرْآنِ الصَّوَابَ مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ