١٢٨٥ - ابْنَ الْمُثَنَّى حَدَّثَكُمْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُيَسَّرَ بْنَ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ رَدِيفُهُ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ مَسِيرَةَ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ، «فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ» ⦗٩١١⦘ وَرَوِيتَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ مُحَيْرِيزٍ، وَهَانِئِ بْنِ كُلْثُومٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ قَصَرُوا فِيمَا بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَكَيْفَ تَدَّعِي مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ إِجْمَاعًا عَلَى أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ غَيْرُ جَائِزٍ فِي قَدْرِ مَسَافَةِ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ؟ قِيلَ: مَسَافَةُ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ، وَأَقَلُّ مِنْ مَسَافَةِ مَا بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَلَا أَحَدَ مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي قَدْرِ مَا ذَكَرْتُ يَرَى جَوَازَ قَصْرِهَا فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ، أَوْ فِي قَدْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَافَةِ، فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ فِي تَأَوُّلِنَا قَوْلِ ابْنِ السِّمْطِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ، فِعْلَ عُمَرَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَتَأَوَّلْنَا، وَلَيْسَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِنْ مَوْضِعِ الْإِبَانَةِ عَنْ قَدْرِ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ لِمَنْ سَارَهَا، فَنَشْتَغِلُ بِالْبَيَانِ عَنْ صِحَّةِ مَا نَقُولُ: فِيهِ وَفَسَادِ مَا خَالَفَهُ، وَإِنَّمَا اكْتَفَيْنَا بِقَدْرِ مَا بَيَّنَّا مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، لِأَنَّ قَصْدَنَا فِيهِ كَانَ الْإِبَانَةُ عَنْ مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَا عَنِ ابْنِ السِّمْطِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ بِخِلَافِ الْمَعْنَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى وَهْمِ أَهْلِ الْغَبَاوَةِ، فَإِذْ كَانَ مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَا عَنِ ابْنِ السِّمْطِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ذَكَرْنَا، فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ لِمَنْ خَرَجَ مُسَافِرًا إِلَى غَايَةٍ يَجُوزُ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ إِلَيْهَا، أَنَّ لَهُ الْقَصْرَ حِينَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَلْدَةِ الَّتِي ابْتَدَأَ مِنْهَا سَفَرَهُ فَيُخَلِّفَهَا وَرَاءَهُ حَتَّى لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهَا أَمَامَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَصَرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ صَلَاتَهُ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ مَدِينَتِهِ يُرِيدُ سَفَرًا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ، كَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ مَدِينَتِهِ، مِمَّا لَيْسَ هُوَ مِنْهَا فِي مَعْنَى ذِي الْحُلَيْفَةِ، فِي أَنَّ لَهُ قَصْرَ الصَّلَاةِ ⦗٩١٢⦘ عِنْدَهُ، إِذَا كَانَ قَدِ ابْتَدَأَ سَفَرًا إِلَى غَايَةٍ تُقْصَرُ إِلَيْهَا الصَّلَاةُ وَبِذَلِكَ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَجْمَعَتْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute