للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٢٦ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: «كَانَ مِنْ أَقَلِّ أَعْمَالِهِمُ الصَّوْمُ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ تَحُدُّ - لِمَنْ أَحَبَّ إِلْزَامَ نَفْسِهِ مِنَ الصَّوْمِ النَّفَلِ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ مِنْ نَفْلِ الصَّلَاةِ وَقْتًا مِنْ بَعْضِ اللَّيْلِ - حَدًّا لَا يَكُونُ بِإِلْزَامِهِ نَفْسَهُ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي الَّذِي تَكْرَهُ لَهُ مِنْهُ؟ قِيلَ: قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ الَّذِيَ يَنْبَغِي لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ مِنْ نَفْلِ أَعْمَالِ الْخَيْرِ، مَا كَانَ الْأَغْلَبُ عِنْدَهُ أَنَّ نَفْسَهُ لَهُ مُطِيقَةٌ، وَهِيَ عَلَى الْإِدْمَانِ عَلَيْهِ قَادِرَةٌ، وَمَا يَخِفُّ عَلَيْهَا احْتِمَالُهُ، وَلَا يَثْقُلُ عَلَيْهَا تَكَلُّفُهُ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» ، وَكَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الْمَرْءُ وَإِنْ قَلَّ» ⦗٣٢٧⦘. فَإِنْ كَانَتْ نَفْسُ الْعَبْدِ مُطِيقَةٌ أَدَاءَ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، غَيْرُ ضَعِيفَةٍ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا، نَشِيطَةٌ لِنَوَافِلِ الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ، وَلَمْ يَكُنِ الصَّوْمُ يُضْعِفُهَا وَلَا يُعْجِزُهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ أَحْسَنَ مَا تَكَلَّفُ مِنْ نَفْلِ الصَّوْمِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ مِنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَرْبَى لِلْجِسْمِ الْقَوِيِّ أَنْ يُطِيقَ الدَّوَامَ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَتْ حَيَاتُهُ، وَأَقْرَبُ لِلضَّعِيفِ إِلَى السَّلَامَةِ مِمَّا يُخَافُ عَلَيْهِ، بِتَكَلُّفِهِ أَكْثَرَ مِنْهُ، مِنْ تَضْيِيعِ فَرْضٍ، أَوْ تَفْرِيطٍ فِيمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنْ نَفْلٍ، وَرَجَوْنَا لَهُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَهَا مِنَ الشَّهْرِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ، مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُ مِنْهُ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي صَامَهَا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَخْبَرَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ تَظَاهَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَمِلَ بِهِ السَّلَفُ، وَاخْتَارَهُ عَلَى سَائِرِ الصَّوْمِ غَيْرُهُ. ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>