٦٩٠ - حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ عِيسَى بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ: «لَا تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ» . قَالَ: فَكَانَ يَشْتَرِي سَوْطًا فَيُعَلِّقُهُ فِي قُبَّتِهِ، لِتَنْظُرَ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَأَهْلُهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ بِأَدَبِ أَهْلِيهِمْ وَوَعْظِهِمْ، وَأَنْ لَا يُخْلُوهُمْ مِنْ تَفَقُّدِهِمْ بِمَا يَكُونُ لَهُمْ مَانِعًا مِنَ الْفَسَادِ عَلَيْهِمْ، وَالْخِلَافِ لِأَمْرِهِمْ. قَالُوا: وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: شَقَّ فُلَانٌ عَصَا الْمُسْلِمِينَ: إِذَا خَالَفَ أُلْفَتَهُمْ، وَفَرَّقَ جَمَاعَتَهُمْ، كَمَا قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ:
[البحر الطويل]
إِذَا بَكَرَتْ سَلْمَى فَجَدَّ بُكُورُهَا ... وَشَقَّ الْعَصَا بَعْدَ اجْتِمَاعٍ أَمِيرُهَا،
قَالُوا: وَإِنَّمَا عَنَى جَرِيرٌ بِقَوْلِهِ: وَشَقَّ الْعَصَا بَعْدَ اجْتِمَاعٍ أَمِيرُهَا: أَنَّهُ فَرَّقَ جَمَاعَتَهُمْ بَعْدَ الْأُلْفَةِ. قَالُوا: وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلرَّجُلِ إِذَا أَقَامَ بِالْمَكَانِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ ⦗٤١٦⦘ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ: قَدْ أَلْقَى فُلَانٌ عَصَاهُ، وَضَرَبَ فِيهِ أَرْوَاقَهُ، وَأَلْقَى بَوَانِيَهُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالْإِيَابِ الْمُسَافِرُ،
قَالُوا: وَإِنَّمَا قِيلَ لِلرَّجُلِ الرَّفِيقِ السِّيَاسَةِ، الْحَسَنِ الْأَثَرِ فِيمَا قَامَ بِهِ: إِنَّهُ لَلَيِّنُ الْعَصَا؛ لِتَأْلِيفِهِ بَيْنَ الْأَشْتَاتِ، وَجَمْعِهِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ، وَاسْتِعْطَافِهِ قُلُوبَ رَعِيَّتِهِ، كَمَا قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْسٍ الْمُزَنِيِّ:
عَلَيْهِ شَرِيبٌ وَادِعٌ لَيِّنُ الْعَصَا ... يُسَاجِلُهَا جَمَّاتِهِ وَتُسَاجِلُهُ،
قَالُوا: فَأَمَّا ضَرْبُهَا لِغَيْرِ الْهَجْرِ فِي الْمَضْجَعِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ. قَالُوا: وَبِذَلِكَ جَاءَتِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ. وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَثَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute