للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٠٢ - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: سُئِلَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي حِجْرِهِ الْيَتِيمُ، فَهَلْ يَضْرِبُهُ عَلَى مَا يَنْفَعُهُ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ، ضَرْبًا رَفِيقًا» ⦗٤٢٤⦘ وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لَهُ: أَوْصِنِي: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ، وَأَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ» ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ عِنْدِي بِخِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ، مِمَّنْ وَجَّهَ مَعْنَاهُ إِلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِوَعْظِ أَهْلِهِ، بَلْ ذَلِكَ عِنْدِي الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: «عَلِّقِ السَّوْطَ حَيْثُ يَرَاهُ الْخَادِمُ» ، حَضًّا مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ عَلَى تَأْدِيبِ أَهْلِهِ، وَمَنْ فِي مَنْزِلِهِ مِنْ خَدَمِهِ وَوَلَدِهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِئَلَّا يَرْكَبُوا مُوبِقَةً، أَوْ يَكْسِبُوهُ سُبَّةً بَاقِيًا عَلَيْهِ عَارُهَا، أَوْ يَجُرُّوا جَرِيرَةً يَلْحَقُهُ مَكْرُوهُهَا، إِمَّا فِي عَاجِلٍ وَإِمَّا فِي آجِلٍ، إِذْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ جَعَلَهُ قَيِّمًا عَلَيْهِمْ، وَجَعَلَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاعِيًا، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ» ، كَمَا جَعَلَ الْأَمِيرَ رَاعِيًا عَلَى رَعِيَّتِهِ، وَعَلَى الرَّاعِي سِيَاسَةُ رَعِيَّتِهِ بِمَا فِيهِ صَلَاحُهَا دِينًا وَدُنْيَا. وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ قَالَ لَهُ: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكِ» ، هُوَ مَا قُلْنَا، دُونَ مَا قَالَهُ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ، وَصْفُهُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَبَا جَهْمٍ، إِذْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ خَطَبَهَا وَمُعَاوِيَةُ، إِذْ وَصَفَهُ بِالْغِلْظَةِ وَالشِّدَّةِ عَلَى أَهْلِهِ بِقَوْلِهِ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ» ، فَأَعْلَمَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ غِلْظَتَهُ عَلَى ⦗٤٢٥⦘ أَهْلِهِ وَشِدَّتَهُ عَلَيْهِمْ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ. فَلَوْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي قَالَ لَهُ ذَلِكَ: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكِ» : لَا تُخْلِهِمْ مِنْ تَأْدِيبِكَ إِيَّاهُمْ بِالْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ، دُونَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَمْرِهِ إِيَّاهُ بِالتَّرْهِيبِ بِالضَّرْبِ أَحْيَانًا عِنْدَ رُكُوبِهَا مَالَا يَحِلُّ لَهَا رُكُوبُهُ مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي قَدْ ذَكَرْتُ قَبْلُ، لَمْ يَكُنْ لِتَزْهِيدِهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ فِي أَبِي جَهْمٍ - بِوَصْفِهِ إِيَّاهُ لَهَا بِمَا وَصَفَهُ بِهِ لَهَا، مِنْ تَرْكِهِ وَضَعَ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ - مَعْنًى؛ إِذْ كَانَ الْوَعْظُ وَالتَّذْكِيرُ لَا يُوجِبَانِ لِصَاحِبِهِمَا ذَمًّا. وَقَدْ بَيَّنَ حَقِيقَةَ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَإِنَّهُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ» مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>