٩٢ - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: لَا يَأْخُذُ مِنَ الزَّكَاةِ مَنْ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا. وَاعْتَلَّ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لِتَصْحِيحِ قَوْلِهِمْ هَذَا بِالْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِهِ خُدُوشٌ أَوْ كُدُوحٌ، قِيلَ: وَمَا يُغْنِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ " وَقَالُوا: لَيْسَ لِمَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا التَّسْلِيمُ لَهُ، قَالُوا: وَإِنَّمَا يَجُوزُ إِدْخَالُ النَّظَرِ وَالْبَحْثِ عَلَى مَا لَمْ يَرِدْ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ الِاعْتِرَاضُ فِيهِ. وَحَدَّ آخَرُونَ مِنْهُمْ قَدْرَ مَبْلَغِ ذَلِكَ، مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا حَالَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكِهِ حَوْلٌ كَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ، أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا مَثَاقِيلَ وَقَالُوا: مَنْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ فَحَرَامٌ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ النَّاسِ الصَّدَقَةَ مَا دَامَ ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ أَخَذُهَا مِمَّنْ أَعْطَاهُمْ كَائِنًا مَنْ كَانَ ذَلِكَ مِنَ النَّاسِ، وَهَذَا قَوْلُ عُظْمِ مُتَفَقِّهَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ⦗٥٦⦘. وَاعْتَلُّوا لِقَوْلِهِمْ هَذَا بِأَنْ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَيَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ، قَالُوا: وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ قَدْ حَالَ عَلَيْهِمْ حَوْلٌ كَامِلٌ، فَلَا شَكَّ فِي وجُوبِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ فِيهَا. قَالُوا: فَفِي ذَلِكَ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّهُ بِهَا غَنِيٌّ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، لَا فِي أَمْوَالِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَهُمْ، قَالُوا: فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ قَدْرُ مَا ذَكَرْنَا حَرَامٌ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَمُبَاحٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute