وَمِنْهُ قَوْلُهُ: «أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ» ، وَهُوَ الرَّعْدُ الشَّدِيدُ الصَّوْتِ الَّتِي تَقْصِفُ صَوَاعِقُهُ مَا أَصَابَتْهُ وَتَدُقُّهُ وَتُحَطِّمُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: قَصَفَ فُلَانٌ ظَهْرَ فُلَانٍ، يَقْصِفُهُ، وَذَلِكَ إِذَا كَسَرَهُ وَدَقَّهُ، يُقَالُ مِنْهُ: سَمِعْتُ قَصِيفَ الرَّعْدِ وَوَئِيدَهُ وَوَأْدَهُ وَرَزْمَتَهُ وَهَزْمَتَهُ، كُلُّ ذَلِكَ شِدَّةُ صَوْتِهِ، وَمِنَ الْقَاصِفِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ: {فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ} . وَأَمَّا قَوْلُهُ: «أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ الْبَرْقَ الَّذِي يَكَادُ مِنْ شِدَّةِ ضِيَاءِ لَمَعَانِهِ يَلْتَمِعُ الْأَبْصَارَ وَيَسْتَلِبُهَا. وَأَصْلُ الْخَطْفِ السَّلْبُ، يُقَالُ: خَطَفَ فُلَانٌ فُلَانًا كَذَا، إِذَا اسْتَلَبَهُ إِيَّاهُ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْخَطْفَةِ» هِيَ اسْتِلَابُ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ يَوْمَ الْغَارَةِ مَا أَفَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ مِنْ غَنَائِمِهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالنَّهْبَةِ. وَمِنَ الْخَطْفِ قِيلَ لِلْخُطَّافِ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ بِهِ الدَّلْوُ مِنَ الْبِئْرِ خُطَّافٌ لِأَنَّهُ يَسْتَلِبُ مَا عَلَقَ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:
[البحر الطويل]
خَطَاطِيفُ حُجْنٌ فِي حِبَالٍ مَتِينَةٍ ... تُمَدُّ بِهَا أَيْدٍ إِلَيْكَ نَوَازِعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute