١٠١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا قِلَابَةَ قَالَ فِي الْحَجَّامِ: " لَوْلَا أَنَّهُ يَمَصُّ لَمْ أَرَ بِكَسْبِهِ بَأْسًا، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدِ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجَرَهُ؟ فَقَالَ: رُبَّ شَيْءٍ يُكْرَهُ لِلْآخِذِ وَلَا يُكْرَهُ لِلْمُعْطِي، فَذَكَرَ الشَّاعِرَ - مَخَافَةَ الشَّاعِرِ عَلَى وَالِدَيْهِ أَنْ يَشْتُمَهُمَا فَيُعْطِيَهُ - أَنَّ ذَلِكَ عَطِيَّةٌ لَا تَصْلُحُ لِلشَّاعِرِ، وَرَشْوَةَ الْعَامِلِ الظَّالِمِ يَعْرِضُ لَكَ فَيَحْبِسُكَ، فَتَفْتَدِي مِنْهُ فَيَصْلُحُ لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا يَصْلُحُ لَهُ، قَالَ: وَعَسْبُ الْفَحْلِ، النَّاسُ لَا يُطْرِقُونَ الْيَوْمَ إِلَّا بِأَجْرٍ، لَيْسَ يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُمْ " ⦗٦٦⦘ وَفِيهِ أَيْضًا الدِّلَالَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ كَتَمَ مَعْرُوفًا أُسْدِيَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَشْكُرْ مُسْدِيَهُ، فَيُظْهِرَ شُكْرَهُ عَلَيْهِ وَيُذِيعَهُ فِي النَّاسِ، فَقَدْ بَخَسَهُ حَقًّا لَهُ عَلَيْهِ لَازِمًا، وَأَتَى مِنَ الْفِعْلِ مَذْمُوَمًا إِذَا لَمْ يُثِبْهُ مِنْ مَعْرُوفِهِ إِلَيْهِ، وَلَمْ يُكَافِئْهُ عَلَيْهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، وَأَنَّ مَنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ وَأَذَاعَهُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا أَوْلَاهُ مِنَ الْإِحْسَانِ - إِذَا لَمْ يُثِبْهُ مِنْ مَالِهِ لِعُدْمٍ وَفَقْرٍ - فَقَدْ فَعَلَ جَمِيلًا، وَأَتَى أَمْرًا حُمَيْدًا، وَقَضَى حَقًّا لِمُولِيهِ ذَلِكَ لَازِمًا؛ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعُمَرَ لَمَّا أَخْبَرَهُ عَنِ اللَّذَيْنِ أَثْنَيَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا كَانَ أَوْلَاهُمَا مِنَ الْمَعْرُوفِ بِإِعْطَائِهِ إِيَّاهُمَا الدِّينَارَيْنِ: «وَلَكِنَّ فُلَانًا مَا يَقُولُ ذَلِكَ، وَقَدْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ عَشَرَةٍ إِلَى مِائَةٍ» ، ذَامًّا بِذَلِكَ مِنْ قِيلِهِ، تَارِكًا شُكْرَ مَا أَوْلَاهُ بِإِعْطَائِهِ إِيَّاهُ مَا أَعْطَى، وَحَامِدًا لَهُ فِعْلَ الْمُثْنِي الشَّاكِرِ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَطَاءِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ تَتَابَعَتِ الْأَخْبَارُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْصُوصًا، وَقَالَتْهُ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ مُبَيَّنًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute