٣٩٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، نا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ، قَالَ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، قَالَ: فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَرْفَعُ بَصَرَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ وَيَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ وَيُحَدِّثُ نَفْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» مِرَارًا، ثُمَّ قَالَ: " إنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ فِي قَبَلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا قَالَ يَقُولُ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ، قَالَ: فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا وَتَنْزِلُ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ أَكْفَانٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، فَإِذَا أَخَذَهَا قَامُوا إِلَيْهِ فَلَمْ يَتْرُكُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: ٦١]
⦗٢٦٤⦘ ، قَالَ وَتَخْرُجُ مِنْهُ مِثْلُ أَطْيَبِ رِيحِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهِ، فَلَا يَمُرُّونَ بِهِ عَلَى جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرِّيحُ الطِّيبُ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: هَذَا فُلَانٌ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ، وَتُفْتَحُ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَإِذَا انْتَهَوْا بِهِ إِلَى السَّمَاءِ قَالُوا: مَا هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ؟ فَيَقُولُونَ: هُوَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، قَالَ: فَيَقُولُ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي الْعِلِّيِينَ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيونَ؟ كِتَابٌ مَرْقُومٌ، يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ، وَأَرْجِعُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ: مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، قَالَ: فَتَرْجِعُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ مَلَكَانِ شَدِيدا الِانْتِهَارِ، فَيَنْتَهِرَانِهِ وَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، قَالَ: فَيَقُولَانِ: مَا هَذَا النَّبِيُّ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ قَالَ: يَقُولُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا يُدْرِيكَ؟ قَالَ: يَقُولُ: قَرَأَتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُهُ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: صَدَقَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: ٢٧]
⦗٢٦٥⦘ فَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَرُوهُ مَنْزِلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، فَيُلْبَسُ مِنَ الْجَنَّةِ، ويُفْرَشُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُرَى مَنْزِلَهُ مِنْهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ، وَيُمَثَّلُ لَهُ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، قَالَ: فَيَقُولُ لَهُ: أَبْشِرْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الْكَرَامَةِ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، قَالَ: فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَوَاللَّهِ لَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الَّذِي جَاءَنَا بِالْخَيْرِ، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَاللَّهِ - مَا عَلِمْتُ - إنْ كُنْتَ لَحَرِيصًا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، قَالَ: فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ كَيْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي " قَالَ سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَنَّهُ قَالَ: يُقَالُ لَهُ: «نَمْ، فَيَنَامُ ألَذَّ نَوْمَةٍ نَامَهَا نَائِمٌ قَطُّ حَتَّى تُوقِظَهُ السَّاعَةُ» ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ الْبَرَاءِ قَالَ: " وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا، إِذَا كَانَ عِنْدَ انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وإقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَقْعُدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ إِلَى غَضِبٍ مِنَ اللَّهِ وَسَخِطٍ، قَالَ: فَتَفَرَّقَ فِي جَسَدِهِ، فَيَسْتَخْرِجُهَا وَيَقْطَعُ الْعُرُوقَ وَالْعَصَبَ كَمَا يُسْتَخْرَجُ الصُّوفُ الْمَبْلُولُ بِالسَّفُّودِ، وَيَنْزِلُ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمُ الْمُسُوحُ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ ⦗٢٦٦⦘ الْبَصَرِ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِي يَدِ مَلَكِ الْمَوْتِ قَامَتْ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ فَمَا تَتْرُكُهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَتَخْرُجُ مِثْلَ أَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَ بِكُلِّ وَجْهِ الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهِ لَا يَمُرُّونَ عَلَى جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ قَالُوا: هَذَا فُلَانٌ، بِشَرِّ أَسْمَائِهِ، فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا غُلِّقَتْ دُونَهُ فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ، وَأَرْجِعُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ: أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، قَالَ: فَيُرْمَى بِهِ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ، قَالَ: وَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيَقُولَانِ لَهُ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: آهْ آهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: آهْ آهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: آهْ آهْ لَا أَدْرِي، قَالَ: فَيُنَادَى مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ، قَالَ: فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ، ويُفْرَشُ مِنَ النَّارِ، وَيَضِيقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ ⦗٢٦٧⦘، قَالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوؤُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: وَمَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، قَالَ: فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ، رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute