قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا بَابٌ يَطُولُ فَلْيَعْلَمْ صَاحِبُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَا مِنْ جَابِرٍ، وَلَا مِنَ ابْنِ عُمَرَ، وَلَا مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ شَيْئًا قَطُّ، وَأَنَّ الْأَعْمَشَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَنَسٍ، وَأَنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ صَحَابِيٍّ غَيْرِ أَنَسٍ، وَأَنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ، وَلَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَلَا مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَلَا مِنْ عَلِيٍّ إِنَّمَا رَآهُ رُؤْيَةً، وَلَا مِنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَلَا مِنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ صَحَابِيٍّ غَيْرِ أَنَسٍ، وَأَنَّ عَامَّةَ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ الصَّحَابَةِ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ، وَأَنَّ عَامَّةَ حَدِيثِ مَكْحُولٍ، عَنِ الصَّحَابَةِ حَوَالَةٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَخْفَى إِلَّا عَلَى الْحُفَّاظِ لِلْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ ذَكَرْتُ فِي هَذِهِ الْأَجْنَاسِ السِّتَّةِ أَنْوَاعَ التَّدْلِيسِ لِيَتَأَمَّلَهُ طَالِبُ هَذَا الْعِلْمِ فَيَقِيسَ بِالْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ، وَلَمْ أَسْتَحْسِنْ ذِكْرَ أَسَامِي مَنْ دَلَّسَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ صِيَانَةً لِلْحَدِيثِ وَرُوَاتِهِ غَيْرَ أََنِّي أَدُلُّ عَلَى جُمْلَةٍ يَهْتَدِي إِلَيْهَا الْبَاحِثُ، عَنِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ دَلَّسُوا وَالَّذِينَ تَوَرَّعُوا عَنِ التَّدْلِيسِ، وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ وَالْحَرَمَيْنِ، وَمِصْرَ وَالْعَوَالِي، لَيْسَ التَّدْلِيسُ مِنْ مَذْهَبِهِمْ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ خُرَاسَانَ، وَالْجِبَالِ وَأَصْبَهَانَ، وَبِلَادُ فَارِسَ، وَخَوْزِسْتَانَ وَمَا وَرَاءَ النَّهَرِ لَا يُعْلَمُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ دَلَّسَ، وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ تَدْلِيسًا أَهْلُ الْكُوفَةِ، وَنَفَرٌ يَسِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَأَمَّا مَدِينَةُ السَّلَامِ بَغْدَادَ، فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ مِثْلُ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَأَبِي نُوحٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَزْوَانَ، وَأَبِي كَامِلٍ مُظَفَّرِ بْنِ مُدْرِكٍ، وَأَبِي مُحَمَّدِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ، وَهُمْ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ، لَا يُذْكَرُ عَنْهُمْ، وَعَنْ أَقْرَانِهِمْ مِنَ الطَّبَقَةِ الْأُولَى التَّدْلِيسُ، ثُمَّ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَهُمُ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ الْجَوْهَرِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَزْدِيُّ، وَالْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَقْرَانُهُمْ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ لَمْ يُذْكَرْ عَنْهُمُ التَّدْلِيسُ، ثُمَّ الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، وَمَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، وَأَبُونَصْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمَّارُ لَمْ يُذْكَرْ عَنْهُمْ وَعَنْ طَبَقَتِهِمُ التَّدْلِيسُ، ثُمَّ الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ، مِنْهُمْ مِثْلُ الْهَيْثَمِ بْنِ خَارِجَةَ، وَالْحَكَمِ بْنِ مُوسَى، وَخَلَفِ بْنِ هِشَامٍ، وَدَاوُدَ بْنِ عُمَرَ الضَّبِّيِّ، لَمْ يُذْكَرْ عَنْهُمْ وَعَنْ طَبَقَتِهِمُ التَّدْلِيسُ، ثُمَّ الطَّبَقَةُ الْخَامِسَةُ مِثْلَ إِمَامِ الْحَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَمُزَكِّي الرُّوَاةِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَصَاحِبِ الْمُسْنَدِ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَعَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ، لَمْ يُذْكَرْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمُ التَّدْلِيسُ، ثُمَّ الطَّبَقَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ، فَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيِّ الْوَاسِطِيِّ، فَحَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْبَاغَنْدِيِّ، وَهُوَ يُمْلِي عَلَيَّ، فَقَالَ لِي أَبُو يَزِيدَ عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ أَعَادَ ثَانِيًا، ثُمَّ قَالَ: حَدِيثُ سِرَارِ بْنِ مِجْشَرٍ، فَقُلْتُ قَدْ أَغْنَاكَ اللَّهُ عَنْهُ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَدْ حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ، فَإِنْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ التَّدْلِيسَ، فَعَنِ الْبَاغَنْدِيِّ وَحْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute