للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خفيفة وشفافة كأنها سجف مرصع بالمجوهرات يلف المدينة والميناء.

الأزقة التي كانت تعج بالناس في الصباح، أمست الآن خالية وانطفأت أنوار المتاجر الواحد تلو الآخر كما تنطفئ أنوار فوانيس عرس قد انتهى. وقد لاح القمر ساحبا أشعته بين الأسطح المتقاربة.

في واحد من هذه الأزقة، تراءى طيف شخصين مترنحين توقفا أمام باب دكان، وتأهب أحدهما لفتح الباب في حين تمايل الآخر لحظة ثم استلقى أرضا على امتداد حائط المتجر مخاطبا صاحبه بصوت مخمور:

- دبر أمرك، أنا سأنام هنا ...

أما الثاني الذي وجهت له هذه العبارة، فما زال يحاول عبثا فتح الباب، غير أن توازنه، غير الثابت، لم يسمح له بالوصول إلى ثقب قفل الباب فصب جام غضبه على المفتاح العاق، والباب المتمرد.

وبدا له - وقد أتعبته الحرب - أن يترك المحاولة ليتأمل لحظة صاحبه المستلقي على الأرض. كان في نظرته شيء من الحقد ومن شفقة على هذا الرجل الذي لا يستطيع أن يقاوم الخمر.

<<  <   >  >>