كان قد ألقى عليه هذه الكلمات وهمهم بصوت خافت، وقال شيئا يشبه الاعتذار وصل بعسر إلى شفتيه.
- آسف عمي محمد، إنه مكتوب على الجبين، والله إنه مكتوب، آسف .. لن أقوم بأي إزعاج. سأخلد إلى النوم.
الذي يخاطبه كان شيخا له لحية بيضاء وحول عنقه سبحة مثل هؤلاء الشيوخ الذين نجدهم على درج مدخل جامع الباي ينتظرون نداء المؤذن وهم يحدقون بمتعة في الغادي والرائح في الساحة.
أمعن الشيخ النظر برهة بحزن في السكير المسكين الذي كان يترنح أمامه، وكذلك صاحبه المستلقي على الأرض.
كان وميض مصباح الشارع الضعيف كافيا ليضيء الظل المتمايل للسكير. وكانت سمات وجهه تتميز بتلك اللطافة الخاصة التي تدل على انحداره من هذا الوسط البرجوازي الإسلامي، الذي لا يشتغل، والذي كان يعيش حالة من التقوى والفرع والترف إلى أن حدث التحول الاجتماعي الذي هز الجزائر خاصة منذ سنة ١٩١٨ م. قد يكون في الثلاثين من عمره، لون