للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان هؤلاء قد أمضوا الليلة الفائتة في فنادق قريبة من الميناء؛ لأن المركب يقلع باكرا. حتى إن منهم من وصل مع أمتعته إلى السطح الذي بدأ ينشط بحركتهم وهم يودعون أهاليهم ويتمنون لهم الخير بلهجة موسيقية طريفة اختص التونسيون بها. اختلط إبراهيم بعد إتمام الصلاة بالركاب الجدد، مقدما خدمة هنا وإرشادا هناك حتى إقلاع المركب. لقد وجد إبراهيم أن التونسيين أكثر روحانية وبشاشة. كان يفضلهم على أهل المغرب الذين وجدهم منطوين قليلا ومنزوين، وهذا بعد لقاء بعض منهم البارحة وهو يتجول في الممرات بين الحجاج الجدد. شد انتباهه رجل كان يضع (كشطة)، عمامة خفيفة تميز التونسي الذي له دور في الحياة الثفافية أو الدينية عن غيره، كان معه تونسي آخر يصغره سنا يلبس طربوشا، يبدو أنه يعرفه وكان يناديه بـ (الشيخ) وهو يعانقه باحترام.

لم يمكث الشيخ طويلا على السطح، بل نزل إلى قمرته، في حين كان الذي يعانقه قد ذهب واتكأ على المترسة. كان يريد بعد إعلان المغادرة بدوي الصفارة أن يطبع ببصره آخر صور للميناء وللبلد. فجأة، علا صوت صراخ قريب من العبارة ولاح للحجاج

<<  <   >  >>