العصر، وترتيب فراشه الذي أرشده إليه الإمام وفي مراقبة من على سطح المركب للسواحل التونسية التي بدأت تظهر. كان فكره يتقدم مثل المركب إلى الأمام دون التفات إلى الوراء، نحو آفاق جديدة يترقبها الحاج كل صباح مع استيقاظه وهو في الباخرة. لم تلح بونة بخاطره منذ صلاة الظهر. كان باله مشغولا بتفاصيل حياته الحالية أو بالتفكير في المرافئ التي سيتوقفون عندها ومراحل السفر القادمة. عندما أرخى الليل سدوله، كان إبراهيم لا يزال على سطح المركب رفقة الحجاج الذين كانوا يتنعمون بنسيم عرض البحر العليل. كانوا يريدون رؤية دخول المركب ميناء (حلق الواد) والمتوقع الوصول إليه في منتصف الليل. لكن النسيم العليل تحول إلى برد دفع بإبراهيم إلى اللحاق بأفراد جماعته الذين نزلوا بعد صلاة العشاء، الواحد تلو الآخر إلى مخادعهم. لحظات بعدها استسلم الحجاج إلى نوم هادئ إذ سمع شخيرهم يملأ ممرات المركب.
وفي اليوم التالي، صعد إبراهيم إلى سطح المركب ليتوضأ بعد أن أيقظته جماعته باكرا للصلاة. كان المركب راسيا في (حلق الواد) حيث سيصعد آخر حجاج شمال إفريقية.