وإذا كان الاحترام المتبادل منطلقاً أولاً للحوار، فإنَّ الإنصاف والعدل هو المنطلق الثاني. ولنا في قوله تعالى في سورة المائدة قاعدةٌ ثابتةٌ، وهدايةٌ دائمةٌ. يقول تعالى:{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ}(١) . فالعدل هو أساس الحوار الهادف الذي ينفع الناس ويمكث أثرُه في الأرض. ويقتضي العدل المساواة بين البشر، ويستدعي الاعتراف بالفضل لذويه، ويتطلب الإقرار بالحقيقة، حتى وإن لم تكن في صالح جميع الأطراف. ثم إنَّ العدل هو روح الشريعة الإسلامية، وهو جوهر القانون الوضعي، وهو الأساس الراسخ الذي يقوم عليه القانون الدولي الذي يجب أن يسود المجتمعات البشرية كلَّها. ولذلك فإن العدل والإنصاف في مفهومنا الإسلامي، هو الشرعية الحضارية التي ينبغي أن تكون منطلقاً للحوار، أيّاً كان مستواه، ومهما تكن أهدافه.