للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفسِّرُها العلماءُ على أوجهٍ، وليس ذلك باختلافٍ. وقد قالَ سفيانُ بنُ عُيَينَةَ: ليسَ في تفسيرِ القرآنِ اختلافٌ إذا صَحَّ القولُ في ذلكَ (١). وقالَ: أيكونُ شَيءٌ أظهرَ خِلافاً في الظَّاهرِ منَ الخُنَّسِ؟

قالَ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ: هي بقرُ الوحشِ (٢).

وقالَ عليٌّ: هي النُّجومُ (٣).

قالَ سفيانُ: وكلاهما واحدٌ؛ لأنَّ النُّجومَ تَخْنُسُ بالنَّهارِ وتظهرُ باللَّيلِ، والوَحْشِيَّةُ إذا رأتْ إنسيّاً خَنَسَتْ في الغيطانِ (٤) وغيرِها، وإذا لم ترَ إنسيّاً ظهرتْ.

قالَ سفيانُ: فَكُلٌّ خُنَّسٌ.

قالَ إسحاقُ: وتصديقُ ذلك ما جاءَ عنْ أصحابِ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم في الماعونِ (٥)، يعني أنَّ بعضَهم قالَ: الزَّكاةُ، وقال بعضُهم: عاريةُ المتاعِ.

قالَ: وقالَ عكرمةُ: الماعونُ: أعلاه الزَّكاةُ، وعاريةُ المتاعِ منه (٦).

قالَ إسحاقُ: وجَهِلَ قومٌ هذه المعاني؛ فإذا لم توافقِ الكلمةُ الكلمةَ قالوا: هذا اختلافٌ. وقدْ قالَ الحسنُ ـ وذُكِرَ عنده الاختلافُ في


= ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٧: ١٧٦ - ١٧٨).

(١) أخرجه كذلك سعيد بن منصور عن سفيان، ينظر قسم التفسير من كتاب السنن، تحقيق: سعد الحميِّد (٥: ٣١٢).
(٢) ينظر قوله في: تفسير الطبري، تحقيق الدكتور عبد الله التركي (٢٤: ١٥٥)، ورواه كذلك عن: أبي ميسرة، وجابر بن زيد، ومجاهد، وعبد الله بن وهب، وإبراهيم النخعي.
(٣) ينظر قوله في: تفسير الطبري، تحقيق الدكتور عبد الله التركي (٢٤: ١٥٢، ١٥٣)، ورواه كذلك عن: بكر بن عبد الله، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد.
(٤) الغيطان: المطمئن من الأرض. ينظر: القاموس المحيط، مادة (غوط).
(٥) في قوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}.
(٦) ينظر في أقوال السلف في ذلك في تفسير الطبري، تحقيق الدكتور عبد الله التركي (٢٤: ٦٦٥ - ٦٧٨).

<<  <   >  >>