لما سبق بيان جواز احتمال الآية لأقوال متعددة، فإن كل من يقول بقول جديد في تفسير الآية عموماً، وفي التفسير العلمي (أو الإعجاز العلمي) خصوصاً، فإنه يدخل من هذا الباب، وعليه أن يتبع الضوابط العلمية الصحيحة لمعرفة القول الصحيح من غيره، وستأتي هذه الضوابط.
الضابط الأول: أن يكون القول المفسَّر به صحيحاً في ذاته:
إن كل قول يقال في التفسير يمكن أن يُعلم صحيحه من خطئه، والقول الصحيح تُعلم صحتُه من وجوه:
١ - أن تدلَّ عليه لغة العرب، وذلك في تفسير الألفاظ أو الصيغ أو الأساليب.
وهذا يعني أن تفسير ألفاظ القرآن بمصطلحات علمية سابقة له (١)، أو مصطلحات لاحقة لا يصحُّ البتة؛ لأن ألفاظه عربية، وتفسيرها يؤخذ من لسان العرب، ولغة القرآن، لا من هذه المصطلحات، كمن يفسر لفظ الأقطار في قوله تعالى:{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لاَ تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ}[الرحمن: ٣٣] بأنه القطر
(١) ممن حرص على ربط الشريعة بالفلسفة ابن رشد الحفيد، ومن كتبه المتعلقة بذلك: فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، وقد حمل جملة من مصطلحات الفلاسفة المتقدمين على الإسلام على ما جاء في القرآن والسُّنَّة.