للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسيقع في التحريف، كما وقع التحريف عند المعتزلة الذين جعلوا العقل المجرد أصلاً يحتكمون إليه، وكما وقع لغيرهم من الطوائف المنحرفة.

والذي يدل على وقوع الانحراف في هذا الاتجاه الحرص الزائد على إثبات حديث القرآن عن كثير من القضايا التي ناقشها الباحثون التجريبيون.

٥ - إن كتاب الله أعلى وأجلَّ من أن يُجعل عرضة لهذه العقول التي لم تتأصل في علم التفسير، فأين هم من قول مسروق: «اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله»؟

٦ - إنَّ في نسبة الإعجاز، أو التفسير إلى «العلمي» خلل كبير، وأثر من آثار التغريب الفكري، فهذه التسمية منطلقة من تقسيم العلوم إلى أدبية وعلمية، كما هو الحال في المدارس الثانوية سابقاً، وفي الجامعات حتى اليوم، وفي ذلك رفع من شأن العلوم التجريبية على غيرها من العلوم النظرية التي تدخل فيها علوم الشريعة.

وإذا كان هذا يسمَّى بالإعجاز العلمي، فماذا يسمَّى الإعجاز اللغوي، أليس إعجازاً علمياً، أليست اللغة علماً، وقل مثل ذلك في وجوه الإعجاز المحكية.

لا شكَّ أنها علوم، لكنها غير العلم الذي يريده الدنيويون الغربيون الذين أثَّروا في حياة الناس اليوم، وصارت السيادة لهم.

ومما يؤسف عليه أن يتبعهم فضلاء من المسلمين في هذا المصطلح دون التنبه لما تحته من الخطر والخطأ (١).


(١) يقول الشيخ عبد المجيد الزنداني: «ينقسم العلم البشري في المدارس والجامعات إلى نوعين من الدراسة:
أـ دراسات حول علوم المادة (القسم العلمي)، وتعتني هذه الدراسات بدراسة المادة ومعرفة أحوالها، ثم استخدام هذه المادة لمصلحة الإنسان. =

<<  <   >  >>