للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا العلم (وهو العلم التجريبي) جزء من العلوم، وليس هو كل العلوم، ولا هو أفضل العلوم حتى يُنسب إليه إعجاز خاصٌّ.

كما أن حقيقة العلم في الإسلام هي العلم بالله والعلم بشرعه، فمن كان عالماً بذلك قيل له: عالم، وهذا هو العلم الحقيقي الذي امتدحه الله، ففي ترك وصف هذا بالعلم، ونسبه إلى العلوم التجريبية تجنٍّ على علوم الشريعة، وإبعادٌ لوصف العلم عنها من حيث لا يشعر هؤلاء.

والعلم الممدوح في القرآن هو العلم بالله والعلم بشرعه، وهو الذي جاءت الآيات مادحة له ولمن حمله من العلماء؛ كقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨]، وكل علم بعده فهو تبعٌ له، وليس أصلاً، وهذا مقرَّرٌ في كلام أهل العلم.

ولا يعني هذا تنقُّص أصحاب العلوم التجريبية أو التقليل من شأنهم وشأن علمهم، لكن المراد معرفة مرتبتهم ومرتبة علمهم من علوم الشريعة وعلمائها.

وليس المقام هنا مقام احتجاج لأسرد لك ذلك، وإن كانت ضغطة الحاضر لها أثر لا يخفى، والله المستعان.

وإذا تأملت الإضافات الكائنة لأنواع الإعجاز عند من كتب في الإعجاز العلمي ظهر لك أنَّ نسبته إلى العلم فيها نظر وإشكال، فهم يقولون: الإعجاز اللغوي، وهذا يعني أنه منسوب إلى اللغة، والإعجاز التشريعي، فهو منسوب إلى الشريعة، والإعجاز البلاغي، فهو منسوب إلى البلاغة، وهكذا

فإذا كانت هذه تُنسبُ إلى نوع العلم، فما بال ما يتعلق بالعلوم التجريبية نُسِب إلى العلم المطلق، حتى كأنه لا علم إلا العلم التجريبي؟!

<<  <   >  >>