للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى} .

والقرآن يستعمل البروز، وهو قوة الشخوص والظهور، في موقف القيامة والحساب. ومنه آيات:

الشعراء ٩١: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ}

غافر ١٦: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} .

إبراهيم ٢١: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} ؟

إبراهيم ٤٨: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} .

وتسمية جهنم بالجحيم في المصطلح الديني، ملحوظ فيها الأصل اللغوي وهو شدة تأجج نارها. فالجحيم والجحمة في اللغة: النار الشديدة التأجج، كل نار بعضها فو بعض. وكل نار عظيمة في مهواة. والحاجم: الجمر الشديد الإشتعال، والجحام داء العين. ومن المجاز: التحجم التحرق حرصاً وبخلاً أو غضباً.

وإسناد البروز إلى الجحيم، بالبناء للمجهول، تطرد به الظاهرة الأسلوبية في صرف النظر عمداً عن الفاعل لأحداث القيامة، تقريراً لفاعليتها التلقائية، وتركيزاً للإنتباه فيها.

* * *

{فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} .

الأثر، لغة: بقية الشيء، ومنه الخبر المأثور الباقي، والأثرة المكرمة تبقى، والبقية من العلم تؤثر. ولعل اصل استعماله في الأثيرة الدابة العظيمة الأثر في الأرض بحافرها. والأثر سمة في باطن خف البعير يقتفى بها أثره، أي ما يترك

<<  <  ج: ص:  >  >>