لكن من الفسرين من يذهبوا إلى أن المقصود بالآية، هو "أن لا فائدة لهم من العلم بوقتها" فيضيعون ما للموقف من رهبة وخوف، ويخطئهم حس ما في تجهيل الوقت من تهويل وإرهاب. فليس صحيحاً أن علم السائلين بوقت الساعة لا يفيدهم، وكيف، وهو لو علموه يقيناً لا ستعدوا له؟! إنما صرفوا عمداً عن ذلك السؤال عن وقتها، كما صرف الرسول عليه الصلاة والسلام عن الإشتغال بهذا، والله وحده قد استأثر بعلمها، ليظل لها رهبة المجهول وعنف البغتة، وهو اضح تماماً في آيات الساعة تأيتهم بغتة، فكأنهم لم يلبثوا إلا ساعة من نهار. والفرق دقيق بعيد، بين أن يصرفوا عن السؤال عن وقتها لأن الله قد استأثر بعلمها، وبين ما يقوله الزمخشري وأبو حيان وغيرهما من أنه "لا فائدة لهم من علمهم بوقتها"
* * *
{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَ} .
فيه قصر لمهمة النبي عليه الصلاوة والسلام، فيما يتعلق بهذه الساعة: أن ينذر من يخشاها، لا أن يذكر موعدها ومرساها. وفيه تخصيص للإنذار بمن يخشى الساعة، لأنه - كما قال أبو حيان - الذي يجدى معه الإنذار.
والخشية ليست مجرد خوف، وإنما هي خوف مشوب برهبة المخشي وإعظامه، وأكثر ما تجيء في القرآن، في مقام خشية الله، مسندة إلى المؤمنين، أو الرسل، أو العلماء، أو من ترجى لهم الهداية. ويبلغ القرآن بالخشية أقصى دلالتها على الرهبة والإجلال، حين تكون من الحجارة أو الجبل: