وسوء العقبى، مع ملحظ من معناه الأصلي في الصفقة الخاسرة لمن يشترون دنياهم بأخراهم فيخسرون الآخرة والأولى.
مل لم يعين السياق غير ذلك، كما في آيات المطففين والرحمن والشعراء، مع الوزن والكيل وبخس الناس أشياءهم.
وهذا الاحتياط هو ما فات "الراغب" حين قال في (المفردات) : "وكل خسران ذكره الله تعالى في القرآن فهو على هذا المعنى الأخير، المتعلق بالإيمان، دون الخسران المتعلق بالقنيات الجنيوية والتجارات".
* * *
ونفهم الخسر في آية العصر، بما يؤنس إليه سياق النكوص عن تبعات التكليف والتفريط في مسئولية الإنسان.
فلا نستريح إلى تأويل الزمخشري بأن المعنى "أن الناس في خسران من تجارتهم، إلا الصالحين وحدهم لأنهم اشتروا الآخرة بالدنيا فربحوا وسعدوت، ومن عداهم تحروا خلاف تجارتهم فوقعوا في الخسارة، والشقاوة".
كما لا نتعلق بما ساقه "الفخر الرازي" من احتمال "أن الإنسان لا ينفك عن خسر" لأن الخسر تضييع رأس المال، ورأس ماله عمره: إن أنفقه في المعصية فلا شك في الخسران، وإن أنفقه في المباحات فالخسران أيضاً حاصل لأنه كان متمكناً أن يعمل فيه عملاً يبقى أثره دائماً، وإن أنفقه في الطاعات فلا طاعة إلا يمكن الإتيان بها على وجه أحسن لأن مراتب الخشوع غير متناهية، كما أن مراتب جلال الله وقهره غير متناهية".
وصريح النص في الآية بعد الخسر، يؤذن بأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وبالصبر، ليسوا في خسر أبداً.
وحرف "في" يأخذ موضعه في هذا البيان المعجز، بما يفيد من معنى الظرفية، في الغمر والإحاطة والإغراق.