وهو تحت سقاية زمزم فسأله وذكر ماقلت، فقال: ادعه لي. فلما وقفت على رأسه قال: تفى الناس بما لا علم لك به؟ والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر، وما كان معنا إلا فرسان: فرس للزبير وفرس للمقداد. العاديات ضبخاً، الإبل من عرفة".
يعني إبل الحاج تعدو من عرفة إلى المزدلفة، ثم إلى منى، وتثير الغبار عند وادي محسر.
وكذلك فسر "عبد الله بن مسعو" إلى تفسيرها بالإبل، وتابعه على هذا عدد من المفسرين، ملتفتين إلى معنى الإعظام في كونها إبل الحاج.
ورد أصحاب التأويل بالخيل بأن سياق الآيات بعده: فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا....... فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا يدل على أن العاديات هي الخيل، إذ لا يكون الإيراء، وهو قدح الشرر، إلا لسنابك الخيل. أما الخلف ففيه لين وإسترخاء (الجرجاني) . وأما القول بأنه لم يكن بمكة حين نزول الآية جهاد، ولا خيل للمسلمين تغزو، "فهذا لا يلزم، لأنه سبحانه أقسم بما يعرفونه من شأن الخيل".
فكان رد أصحاب الإبل على هذا الإعتراض أن فصلوا الموريات عن العاديات، وفي هذا يقول إبن القيم: "ولما علم أصحاب الإبل أن أخفافها أبعد شيء من رْوى النار، تأولوا آية الموريات على وجوه بعيدة، فقال محمد بن كعب، القرظى: هم الحاج أوقدوا نيرانهم ليلة المزدلفة، وعلى هذا فيكون التقدير: فالجماعات الموريات. وهذا خلاف الظاهر، وإنما الموريات هي العاديات، وهي المغيرات".
وأتجهت محاولة بعضهم في التأويل بالإبل، إلى أن يستعار لها ما هو للخيل أصلاً، فقال الزمخشري:
"إن صح ما روى عن "علي" فقد أستعير الضبح للإبل، كما أستعير المشافر والحافر للإنسان، وما أشبه ذلك".