للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اختلاف القراءةِ، فيُنقلُ في تفسيرِ لفظةٍ، ومراده هو تفسيرُها على قراءةٍ أخرى، وهذا الموضوعُ يحتاجُ بحثًا استقرائيًّا يُظهِرُ ما وقع من التَّفسيرِ عنهم على هذه الشَّاكلةِ.

وعدم معرفةِ هذا، قد يقع بها نسبة الخطأ إلى المفسِّرِ، وسبب ذلك جهلُ المخطِّئ بأنَّه إنما فسَّرَ على قراءةٍ، وهو حملهَا على القراءةِ التي يعرفُ، ومن ذلك تفسيرُ قوله تعالى: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [الكهف: ٣٤]، وقوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: ٤٢]، فقد ورد التَّفسيرُ عن مجاهدٍ (ت: ١٠٤) أنها الذَّهبُ والفضَّةُ، وقد علَّل ابن جريرٍ الطبري (ت: ٣١٠) هذا القولَ، فقال: «قال بعضهم: كان له ذهبٌ وفضَّةٌ، وقالوا: ذلك هو الثَّمرُ؛ لأنها أموالٌ مثمَّرةٌ؛ يعني: مُكَثَّرَةٌ» (١).

وتفسيرُ مجاهدٍ (ت: ١٠٤) هذا جاءَ تفسيرًا لقراءةِ أهل مكةَ، وهم يقرؤونها بضمِّ الثاء والميمِ «ثُمُر» (٢)، وليسَ تفسيرًا لقراءةِ «ثَمَر» بفتحهما.

فمن لم ينتبه على أنه يفسِّرُ قراءة الضَّمِّ، حكم على هذا التَّفسرِ بالبُعدِ، والأمرُ ليس كذلك، وإنَّما هو كما شرحتُ لك في أنَّهم يفسِّرونَ على قراءةٍ (٣)، والله الموفِّقُ.


(١) تفسير الطبري، طـ: الحلبي (١٥:٢٤٥). وقد أورد الرواية عن مجاهدٍ، ثمَّ أورد تفسيرَ ابن عباسٍ على أنَّ الثُّمُرَ أنواع المالِ، ولا خلافَ بينهما، فما ذكره مجاهدٌ هو أشرف أنواعِ المالِ عند الناسِ، فهو مثالٌ لصنفين عظيمين من أصناف المالِ الذي يتداوله الناس، واللهُ أعلمُ.
(٢) كذا قرأها ابن كثيرٍ تلميذُ مجاهدٍ، وقد نسبها ابن جرير إلى عامة قراء الحجاز والعراق، وتفسير ابن عباسٍ ومجاهد جاءَ لهذه القراءةِ، وهما من شيوخ أهل مكة في القراءة.
(٣) ذكر بعض الباحثين في كتابٍ له أنَّ من خصائص تفسير مجاهد تفسيره بعض =

<<  <   >  >>