للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإنما ينبغي أن يُحمَلَ الكلامُ على وجهِهِ من التَّأويلِ، ويُلتَمسَ له ـ على ذلك الوجه للإعرابِ في الصَّحةِ ـ مخرجٌ، لا على إحالةِ الكلمةِ عن معناها ووجهِها الصَّحيحِ من التأويل» (١).

* وعن الباقولي (ت: ٥٤٣) (٢)، قال: «قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: ٤]؛ أي: الذين هم لأجل الطهارةِ وتزكيةِ النَّفسِ عاملونَ الخير.

وليس المرادُ من هذا الكلام أنهم يؤدون الزَّكاةَ؛ لأنَّه لا يقالُ: فعلتُ الزكاةَ، وأنت تريدُ: أدَّيتُ الزَّكَّاةَ.

فإنَّما الزكاةُ: الطهارةُ، كما قال: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى *وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: ١٤، ١٥]، وقال: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: ٩]؛ أي: طهَّرها من المعاصي، {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: ١٠]؛ أي: من أخملَهَا بالفجورِ والمعاصي.

وأبدًا ينبغي لك أن تُفسِّر القرآن بعضَه ببعض ما أمكنَكَ. ألا ترى أنهم قالوا في قول الله عزّ وجل: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: ١١] إنَّ المعنى: للرسولِ معقِّباتٌ؛ أي: ملائكةٌ من أمرِ اللهِ يحفظونَه من بين يديه ومن خلفِه، كذا فسَّرَ إبراهيمُ النَّخَعيُّ.


(١) تفسير الطبري، طـ: الحلبي (١٩:١٣٧ - ١٣٨).
(٢) علي بن الحسين بن علي الأصبهانيُّ الباقوليُّ، أبو الحسنِ، الملقب: جامع العلومِ، النحوي، المفسِّرُ، له كتبٌ تدلُّ على تمكُّنِه وسعةِ اطِّلاعِه في العلمِ، منها: البيان في شواهد القرآن، وكشف المشكلات وإيضاح المعضلات، وغيرها، توفي سنة (٥٤٣). ينظر في ترجمته: مقدمة الدكتور محمد الدالي لكتاب كشف المشكلات وإيضاح المعضلات.

<<  <   >  >>