بها المجرمون} وهذا أشد ما يكون من التقريع. وقال تعالى:{وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} وهذا أشد ما يكون من التحذير. وقال عز وجل:{فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون} وهذا أشد ما يكون من الترغيب. وقال عز وجل:{مااتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} وقال تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} وهذا أبلغ ما يكون من الحجاج. وهو الأصل الذي عليه الاعتماد في صحة التوحيد , لأنه لو كان إله آخر لبطل الخلق بالتمانع بوجودهما دون أفعالهما.
باب البيان عن الوجوه التي ذكرنا في أول الكتاب
وهي: ترك المعارضة مع توفر الدواعي وشدة الحاجة , والتحدي للكافة. والصرفة , والبلاغة , والأخبار الصادقة عن الأمور المستقبلة , ونقض العادة , وقياسه بكل معجزة.
أما توفر الدواعي فيوجب الفعل مع الإمكان لا محالة , في واحد كان أو جماعة. والدليل على ذلك أن إنسانا لو توفرت دواعيه إلى شرب ماء بحضرته من جهة عطشه واستحسانه لشربه. وكل داع يدعو إلى مثله , وهو مع ذلك ممكن له فلا يجوز ألا تقع شربه من حتى يموت عطشا لتوفر الدواعي على ما بينا , فإن لم يشربه مع توفر الدواعي له دل ذلك على عجزه عنه. فذلك توفر الدواعي إلى معارضة على القرآن لما لم تقع المعارضة دل ذلك على العجز عنها.