الخلفاء الراشدين، وكان ذلك هو سبب قوتهم، ولكن حين ابتدع التابعون وتابعوهم بدعة رواية الحديث وكتابته في صحف ومسانيد؛ حدث التحول الخطير من الهدى إلى الضلال -هذا ملخص ما قال.
دحض هذه الشبهة:
تمسك صاحب المشروع بشبهة ثانية نشأت عن قصور فهمه وفهم أمثاله لما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"لا تكتبوا عني، ومن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" رواه مسلم في "صحيحه".
وهذا الحديث لا تنازع في ثبوته، ومع هذا فإنه لا حجة فيه لصاحب المشروع؛ ولا لأمثاله من قبله ومن بعده على أن السنة ليست من الدين، أو أن الأمة ليست بحاجة إليها.
ولو أن صاحب المشروع التعسفي لهدن السنة النبوية تنبه إلى ما ورد في الحديث من الإذن بالتحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - بلا أدنى حرج، ومن التحذير من الكذب عليه في الرواية، لو فطن إلى هذا لما ساغ له أن يقول حرفاً واحداً مما قاله في هدم السنة النبوية.
فالحديث ليس فيه إلا النهي عن الكتابة، أما السماع عنه - صلى الله عليه وسلم - ثم تبليغ ما قاله فليس هذا بمحظور، وإنما المحظور هو تعمد الكذب عليه - صلى الله عليه وسلم -.
فكان حرياً بصاحب المشروع أن يفطن إلى هذه "الخصوصية"، ثم يبحث عن علة النهي عن الكتابة، مع الإقرار برواية المكتوب.
وعلماء الحديث الذين رماهم صاحب المشروع بالسفه، والجهل،