زمناً: أن يكون الرضاع قبل أن يفطم الرضيع، ويستغنى بالطعام عن اللبن.
- وقدراً: أن يكون المحرم خمس رضعات مشبعات مافرقات. وفي كل هذا - وغيره- لم تخاتلف السنة الكتاب؛ لأن المخالفة تكون لو كانت السنة تأمر، بما نهى عنه الكتاب، أو تنهي عما أمر به الكتاب؛ وهذا لم يحدث قط.
وحاشا أن يكون الرسول في هذا مشرعاً من تلقاء نفسه؛ لأن الشريع بلاغ، والبلاغ لا يكون إلا عن الله الذي اصطفاه رسولاً، وأنزل عليه وحيه الأمين، ولو كان الرسول تجاوز ما لم يأذن الله تعالى له فيه لما سكت القرآن عنه لحظة؛ والله هو القائل: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة: ٤٤ - ٤٦] ولم يحدث للنبي عقاب من الله، بل حدث في حجة الوداع أن أعلن الله كمال الدين فقال:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينً}[المائدة: ٣]
فهل - يا ترى - كان هذا الإعلان الإلهي سيكون لو كان محمد - صلى الله عليه وسلم - زاد في الدين شيئاً لم يأذن الله له فيه؟ هذا، وقد أثبت بعض الباحثين الأصولين أن: كل تشريع مستقل حاءت به السنة - على ندرته - له أصل أصيل في كتاب الله العزيز. ولولا خشية الإطالة لذكرنا ما قيل في هذا المجال. وهكذا يبدو التوافق التام بين الكتاب والسنة، وإن غاب على بعض المتعجلين، والأمر كما قال الشاعر:
ماضر شمس الضحى في الأفق طالعة * إن لم ير ضوءها من ليس ذا بصر