انظروا الى قوله الذى افتتح به اقتراحَه المقدمَ للمجمع:"لا شك عندي أَن حضرات المستشرقين - آهِ من عبادة المستشرقين ومن عبادة الإفرنج - من بريطانيين وفرنسيين وإيطاليين وألمان وأمريكيين, يعجبون منا نحن الضعاف الذين يطأطئون كواهلهم أمام تمثال اللغة، لحمل أوزار ألفٍ وخمسمائة سنة مضت" ثم يقول عن بحث المستشرقين عن الآثار: "لكن عملهم هذا شئٌ وإمساك أيةِ لغة بخناق أهلها دهرا طويلا شئٌ آخر".
وانظروا إلى قوله في الفقرتين ٤ و٥ "لكن حال اللغة العربية حال غريبة، بل أغرب من الغريبة، لأنها مع سريان التطور في مفاصلها، وتحتيتها في عدة بلاد من آسية وأفريقية إلى لهجات لا يعلم عددها إِلا الله لم يَدُرْ بخلد أية سلطة في أى بلد من تلك البلاد المنفصلة سياسياً أن يجعل من لهجة أهله لغة قائمةً بذاتها، لها نحوُها وصرفها، وتكون هي المستعملة في الكلام الملفوظ وفي الكتابة معاً، تيسيرا على الناس، كما فعل الفرنسيون والإيطاليون والأسبان، أو كما فعل اليونان، لم يعالج أي بلدٍ هذا التيسير، وبقي أهلُ اللغة العربية من أتعس خلق الله في الحياة. ان أَهل اللغة العربية مستكرهون على أن تكون العربية الفصحى هي لغة الكتابة عند الجميع، وأن يجعلوا على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا، وأن يردعوا عقولهم عن التأثر بقانون التطور الحتمي، الاخذ