أكْثَرَ العَالمِ، يَعِيشُوْنَ بغَيرِ طَبِيبٍ؟ ولا يَكُوْنُ الطَّبِيبُ إلَّا في المُدُنِ الجَامِعَةِ، وأمَّا أهْلُ البَدْوِ كُلُّهُم، وأهْلُ الكَفُوْرِ (القَرْيَةِ الصغِيرة) كُلّهُم، وعَامَّةُ بَنِي آدَمَ، فَلا يَحْتَاجوْنَ إلى طَبِيبٍ، وهُمْ أصَحّ أبْدَانًا وأقْوَى طَبِيعَةً ممَّنْ هُوَ مُتَقَيِّد بالطَّبِيبِ، ولَعَلَّ أعْمَارَهُم مُتَقَارِبَة ... إلخ.
وأمَّا مَا يُقَدَّرُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرِيعَةِ ففَسَادُ الرّوْحِ والقَلْبِ جُمْلَةً، وهَلاكُ الأبدِ، وشَتَّانَ بَينَ هَذَا وهَلاكِ البَدَنِ بالموتِ: فَلَيسَ النَّاسُ قَطُّ إلى شَيءٍ أحْوَجَ مِنْهُم إلى مَعْرِفَةِ مَا جَاءَ بهِ الرَّسُوْلُ - صلى الله عليه وسلم -، والقِيَامِ بِه، والدَّعْوَةِ إلَيه، والصَّبْرِ عَلَيه، وجِهَادِ مَنْ خَرَجَ عَنْه حَتَّى يَرْجِعَ إلَيهِ، ولَيسَ للعَالَمِ صَلاح بِدُوْنَ ذَلِكَ البَتَّةَ" انْتَهَى.
* * *
وهَذَا الذَّهَبِيُّ رَحِمَه اللهُ أيضًا نَجِدُه يُعِيبُ عِلْمَ النَّحْوِ الَّذِي هُوَ أفْضَلُ وأكْمَلُ مِنْ عُلُوْمِ (القَوْمِ!) لا سِيما إذَا خَرَجَ عَنْ حَدِّه المَقْصُوْدِ، وذَلِكَ بِقَوْلِه في كِتَابِهِ "زَغَلِ العِلْمِ" (٣٩): "النَّحْوِيُّوْنَ لا بَأسَ بِهِم، وعِلْمُهُم حَسَنٌ مُحتاجٌ إلَيه، لَكِن النَّحْوِيَّ إذا أمْعَنَ في العَرَبِيَّةِ، وعَرِيَ عَنْ عِلْمِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ بَقِيَ فَارِغًا بَطَّالًا لَعَّابًا، ولا يَسْألُه اللهُ والحَالَةُ هَذِه عَنْ عِلْمِه في الآخِرَةِ؛ بَلْ هُوَ كَصِنْعَةٍ مِنَ الصَّنَائِعِ: كالطَّبِّ والحِسَابِ، والهندَسَةِ لا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute