للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد ضعّف الحديث بهذه العلة صدقة بن الفضل شيخ البخاري فيما نقله عنه البخاري موافقا إياه فيه (١).

وممن ضعّف هذا الحديث البيهقي: وذكر أن أبا بكر بن عياش كان يرويه في القديم عن حصين عن إبراهيم عن ابن مسعود مرسلا وموقوفا، ثم اختلط عليه حين ساء حفظه فصار يرويه عن حصين عن مجاهد عن ابن عمر مخالفا فيه الصواب (٢).

قال البخاري في جزء رفع اليدين في الصلاة (٣) بعد أن روى عن نافع أن ابن عمر كان إذا رأي رجلا لا يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رماه بالحصي قال: ألا تري أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يرمي من لا يرفع يديه بالحصي، فكيف يترك ابن عمر شيئا يأمر به غيره وقد رأي النبي صلي الله عليه وسلم فعله. ثم نقل البخاري عن يحيى بن معين قوله: حديث أبي بكر عن حصين إنما هو توهم لا أصل له.

وقال البخاري أيضا: ولو تحقق حديث مجاهد أنه لم ير ابن عمر رفع يديه لكان حديث طاوس، وسالم، ونافع، ومحارب بن دثار، وأبي الزبير حين رأوه أولي؛ لأن ابن عمر رضي الله عنهما رواه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، فلم يكن يخالف الرسول صلي الله عليه وسلم مع ما رواه أهل مكة والمدينة واليمن والعراق أنه كان يرفع يديه (٤).

فمما أعلّ به البخاري حديث مجاهد عن ابن عمر مناقضة متنه ما ثبت عن ابن عمر من وجوه كثيرة صحيحة تثبت عن ابن عمر ما نفاه حديث مجاهد عنه.

وهو أيضا يخالف ما رواه ابن عمر نفسه عن النبي صلي الله عليه وسلم في ذلك، وما كان ابن عمر ليخالف سنة النبي صلي الله عليه وسلم، وهو الذي يرويها ويأمر بها.


(١) انظر: رفع اليدين في الصلاة للبخاري: ١٥٠.
(٢) انظر: معرفة السنن والآثار (١/ ٥٥٦).
(٣) ص ٥٤.
(٤) رفع اليدين في الصلاة: ٧٥.

<<  <   >  >>