للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قضى حجه، وإن عتق قبل أن يموت فليحجج. وأيما غلام حج به أهله، فمات قبل أن يدرك فقد قضى عنه حجه، وإن بلغ فليحجج».

وهذا سند حسن. سالم هو ابن سعيد القداح صدوق حسن الحديث (١). ومالك بن مغول ثقة ثبت (٢)، وأبو السفر هو سعيد بن يحمد الهمداني ثقة (٣).

فرأي البخاري أن حديث ابن عباس المرفوع الذي فيه أن للصبي حجا يخالف ما أفتى به من أن على الصبي الذي حج حجة أخرى إذا بلغ، فلو كان ابن عباس قد روى ذلك الحديث ما أفتى بخلافه.

وقد ذكر ابن رجب أن البخاري رد حديث ابن عباس المرفوع بأن ابن عباس كان يقول: «أيما صبي حج به ثم أدرك فعليه الحج» (٤).

والصواب أنه يمكن الجمع بين الحديثين بلا أدني تكلف. قال الطحاوي: هذا الحديث إنما فيه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أخبر أن للصبي حجا وهذا مما قد أجمع الناس جميعا عليه، ولم يختلفوا أن للصبي حجا كما أن له صلاة، وليست تلك الصلاة بفريضة عليه، فكذلك أيضا قد يجوز أن يكون له حج، وليس ذلك الحج بفريضة عليه، وإنما هذا الحديث حجة علي من زعم أنه لا حج للصبي، فأما من يقول: إن له حجا وإنه غير فريضة فلم يخالف شيئا من هذا الحديث .... وهذا ابن عباس رضي الله عنهما هو الذي روى هذا الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم قد صرف هو حج الصبي إلي غير الفريضة، وأنه لا يجزيه بعد بلوغه من حجة الإسلام. ثم ذكر ما هو مقرر عند أهل العلم من أن راوي الحديث أعلم بتأويله (٥).


(١) انظر: تهذيب الكمال (١٠/ ٤٥٦)، تحرير تقريب التهذيب (٢/ ٣٠).
(٢) تقريب التهذيب: ٩١٧.
(٣) المصدر السابق: ٣٩٠.
(٤) شرح علل الترمذي (٢/ ٨٩١).
(٥) شرح معاني الآثار (٢/ ٢٥٦).

<<  <   >  >>