للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عيسى: وما ذَكرنا في هذا الكتابِ "حديثٌ حسنٌ" فإنَّما أَرَدْنا به حُسْنَ إسنادِهِ عِنْدنا، كُلُّ حديثٍ يُرْوى لا يكونُ في إسنادِه من يُتَّهمُ بالكذبِ، ولا يكونُ الحديثُ شَاذًّا، ويُرْوى من غيرِ وَجْهٍ نَحو ذلكَ، فهو عِنْدنا حديثٌ حسنٌ (١).

وما ذكرْنا في هذا الكتابِ "حديثٌ غريبٌ" فإنَّ أهلَ الحديثِ يَسْتغْربُونَ الحديثَ لِمَعانٍ:

رُبَّ حديثٍ يكونُ غريبًا لا يُرْوى إلا من وجهٍ واحدٍ، مِثلُ ما حَدّثَ حمَّادُ بن سَلمةَ، عن أبي العُشَراءِ، عن أبيهِ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أما تكونُ الذّكاةُ إلّا في الحَلْقِ واللَّبَّةِ؟ فقال: "لو طَعنْتَ في فَخِذها، أجْزأ عنكَ" (٢). فهذا حديثٌ تَفرَّدَ بهِ حمَّادُ بن سَلمةَ عن


(١) قال الحافظ ابن رجب: قد بيَّن الترمذي مراده بالحسن، وهو ما كان حسن الإسناد وفسر حسن الإسناد بأن لا يكون في إسناده متهم بالكذب، ولا يكون شاذًا ويروى من غير وجه نحوه، فكل حديث كان كذلك، فهو عنده حديث حسن.
فالحديث الذي يرويه الثقة العدل ومن كثر غلطه، ومن يغلب على حديثه الوهم، إذا لم يكن أحد منهم متهمًا كله حسن.
بشرط أن لا يكون شاذًا مخالفًا للأحاديث الصحيحة.
وبشرط أن يكون معناه قد روي من وجوه متعددة.
(٢) حديث أبي العُشراء سلف برقم (١٥٥١) وقلنا فيه هناك: إسناده ضعيف لجهالة أبي العُشراء وأبيه، قال أحمد: هو عندي غلط ولا يعجبني ولا أذهب إليه إلا في مواضع الضرورة. وأخرجه أبو داود (٢٨٢٥) وابن ماجه (٣١٨٤) والنسائي ٧/ ٢٢٨، وهو في "المسند" (١٨٩٤٧).

<<  <   >  >>