للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالت: إنما أحزن عليك لو قتلت في باطل.

قال: كوني على ثقةٍ بأنَّ ابنك لم يتعمَّد إتيان منكرٍ قطُّ، ولا عمل بفاحشةٍ قطُّ، ولم يجر في حكم الله، ولم يغدر في أمان، ولم يتعمَّد ظلم مسلمٍ ولا معاهدٍ (١)، ولم يكن شيء عنده آثر (٢) من رضي الله عز وجلَّ ...

لا أقول ذلك تزكيةً لنفسي، فالله أعلم منِّي بي، وإنَّما قلته لأدخل العزاء (٣) علي قلبك.

فقالت: الحمد لله الذي جعلك على ما يحبُّ وأحبُّ ...

اقترب منِّي يا بنيَّ لأتشمَّم رائحتك وألمس جسدك فقد يكون هذا آخر العهد بك.

فأكبَّ عبد الله على يديها ورجليها يوسعهما (٤) لثماً، وأجالت هي أنفها في رأسه ووجهه وعنقه تتشمَّمُه وتُقبِّلُه ...


(١) المعاهد: الذميُّ.
(٢) آثر: أفضل.
(٣) العزاء: الصَّبر.
(٤) يوسعهما لثماً: يملؤهما تقبيلاً.

<<  <   >  >>