وإذا لم يكن فعلكم هذا إيماناً ببعض ما أنزل الله تعالى، وإعراضاً عن بعض، فماذا يكون .. غير التناقض العقلي .. والإيماني .. أم هو كيد لهذا الدين شيطاني؟ !
٣ - ثم يقال لأحد هؤلاء: لو سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك بأمر .. هل تطيعه أم تعصيه .. فإن قلت أطيعه فقد أخذت بالسُّنة التي تنكرها وتناقضت! ! وإن عصيته ورددت أمره .. فهل أنت بعد ذلك مسلم .. ؟ !
وقد قال تعالى: {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ... } [النساء: ٨٠].
وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٣٦].
وقال سبحانه: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: ١٤].
قد يقول قائل منهم: أنا لم أسمع منه - صلى الله عليه وسلم - ولكن نقل لي كلامه .. وأنا غير مطمئن للناقلين .. ؟ !
والجواب من وجهين:
الأول: أن الذين نقلوا السُّنة وحفظوها .. هم أنفسهم الذين نقلوا القرآن وحفظوه, فكيف صدقتهم بنقلهم للقرآن .. ولم تصدقهم بنقلهم للسنة .. ؟ ! هذا ورب النبي في العقول عجيب .. !
الوجه الثاني: أن الله حفظ الدين بالقرآن والسنة:
فإن قيل: إن الله تعالى حفظ القرآن ولم يحفظ السنة .. قيل له: أخطأت وجهلت, فما كان الله تعالى ليحفظ جزءاً من دينه .. ووحيه .. وتنزيله, ويترك الشطر الآخر منه, -وهو الأكثر والمهم- بلا حفظ، معرضاً للضياع، ويكون دينه حينئذ ناقصاً غير كامل.
وهو القائل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ} [المائدة: ٣].
فلا كمال لهذا الدين إذن إلا باجتماع القرآن والسنة.
ثم أن الله أخبرنا بصريح القول أنه حفظ دينه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩].