للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلفظة {الذِّكْرَ} في الآية ليست مقتصرة على القرآن فحسب .. بل هي شاملة للقرآن والسنة، بدليل قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ... } [النحل: ٤٤].

ولفظة الذكر مرادفة كذلك للدين، قال تعالى: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ... } [الفرقان: ٢٩]. و (عَنِ الذِّكْرِ) أي: عن الدين وأحكامه.

وقال سبحانه: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ... } [يس: ١١]. (اتَّبَعَ الذِّكْرَ) أي: اتبع دينه.

فيَتبيّن من هذه الآيات وغيرها؛ أن كلمة الذكر لا يقتصر معناها على القرآن فحسب، بل يشمل الدين كله، إذ في السُّنة أحكام ليست في القرآن كما سلف ذكره، كعدد الصلوات والركعات، فمن زاد عليها أو أنقص منها عامداً ضل .. وما يقال عن الصلاة وركعاتها؛ يقال عن الحج ومناسكه، وعن الزكاة ومقدارها، وقس عليه أموراً كثيرة ذُكرت في السُّنة هي أكثر منها في القرآن ..

ثم .. كيف لا يحفظ الله ما يفسر كتابه، ويُبيّن ناسخه من منسوخة .. ؟ !

كيف لا يحفظ ما يوضح دينه، ويُبيّن معالمه، ويُفصّل أحكامه .. ؟ !

بل كيف لا يحفظ أحكاماً في دينه زائدة عن كتابه؛ كتحريم كثير من أبواب الربا، والدواب كالسباع والحمير والحشرات، وغير ذلك كثير.

فإذا لم يحفظها الله أصبح دينه ناقصاً محرفاً ..

لذلك حفظ الله تعالى دينه المشتمل على الكتاب والسنة، لإكماله، وإتمام نعمته، فالسُّنة؛ رديفة القرآن .. وموضحته .. ومتممته .. فلا يتم كمال الدين، ولا تمام نعمة الإسلام، إلا بحفظ مصدريه؛ الكتاب والسنة.

فالواجب على المسلم؛ العلم بل الإيمان بأن السُّنة محفوظة بحفظ الله لوحيه، ولا ينخدع بهذه الدعوات المغرضة، فكما أن القرآن وحي محفوظ، فكذلك السنة محفوظة، إلا أن طريقة حفظها وتناقلها يختلف عن طريقة القرآن وحفظه .. والحمد لله رب العالمين.

<<  <   >  >>