ولمّا كان الإسلام دين عقل وعلم، وكان القرآن قد تكلّم عن العالم ونظامه، وأمر بالنظر فيه، بالحس والعقل، للاستدلال على وجود الله، فإن العالم المسلم جديرٌ، بأن يؤمن بالعلم، كما يؤمن بالدين، فيطلب العلم بالكون، لأنه سبيل المعرفة بالله أيد هذا أو أكدهُ سائر علماء وفلاسفة الإسلام، فالكندي (١٦) مثلاً يقول فيما يقول: «كلّ ما جاء به الإسلام يمكن أن يُفهم بالمقاييس العقلية، التي لا يرفضها إلاّ جاهل» وابن رشد (١٧) يقول فيما يقول: «إنه لمّا كان الدين حقاً، فإنه لا يمكن أن يناقض العلم البرهاني، لأن الحق لا يضاد الحق، بل هو يوافقه ويشهد له» وإذا كان دليل العلم، قد أثبت وجود الله القادر الحكيم، فإنه بذلك يضع العالم كله أمام مسؤولية كبرى، فيما يتعلق بواجبه نحو هذا الإله، وحكمته من وجود الإنسان الذي كرّمه الله، وفيما يتعلق بواجبه نحو ما يترتب على استعمال نتائج البحوث العلمية التي وصلت إليها عبقرية العلماء، من عصر البخار والكهرباء حتى عصر الراديوم واليورانيوم، والكومبيوتر، وسفن الفضاء، في القرن العشرين ... فهي قد تُستعمل لخير الإنسان وعمران الحياة، أو لتحطيم، وتدمير الإنسان وتخريب الحياة. ومن هنا يجب على العالم الحديث والمعاصر أن يهتم بالنتائج التي تترتب على استعمال المعرفة العلمية، اهتمامه بالبحث العلمي نفسه. ومن هنا يصبح الإيمان بالله، باعثاً على معرفة حكمته، وعلى تقديسها واحترامها، فيكون العلم، مؤيداً للإيمان بالله ورسالة الإنسان، وعاملاً على كمال هذا الإنسان، وخيره وسعادته، في دنياه وأُخراه.