للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الثَّالِثُ: سَلَّمنا ذلِكَ، لَكِنَّ النَّابِغَةَ لم يَقْتَصِرْ في عُفوِّ الرَّبْعِ على نَسْجِ الرِّيْحَيْنِ لَهُ، بل ذَكَرَ مَعَهما المَطَرَ بِقَوْلِهِ: «وَأَسْحَمُ دانٍ مُزْنُهُ مُتَصَوِّبُ»، ولم يَذْكُرْ امرؤُ القَيْسِ ذلكَ، ولا يَلْزَمُ مِنْ عُفوِّ الرَّسْمِ بثلاثَةِ أَشْيَاءَ غُفُوَّهُ بِشَيْئَيْنِ.

الرَّابعُ: أنَّ مُرادَ امْرئِ القَيْسِ «لم يَعْفُ رَسْمُها» [لا] لِنَسْجِ الرِّيحِ لَهَا، بَلْ لِتَقَادُمِ الزَّمَنِ كما في قَوْلِهِ:

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكرَى حَبِيْبٍ وعِرْفانِ ... ورَسْمٍ عَفَتْ آياتُهُ مُنْذُ أَزْمانِ

وَكَقَوْلِ زُهَيْرٍ:

لِمَنِ الدِّيارُ، بِقُنَّةِ الحِجْرِ؟ ... أَقْوَيْنَ، مُذْ حِجَجٍ، ومِنْ دَهْرِ

وقَوْلُهُ:

قِفْ بالدِّيارِ، التي لمْ يَعْفُها القِدَمُ ... بَلَى، وغَيَّرَها الأرواحُ والدِّيَمُ

<<  <   >  >>