للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأخذت نعلي فجلست إلى حماد فكنت أسمع مسائله وأحفظ قوله، ثم

يعيدها (١) من الغد فأحفظها ويخطى أصحابه، فقال: لا يجلس في

صدر الحلقة بحذائي إلا أبو حنيفة، فصحبته عشر سنين، ثم نازعتني

نفسي الطلب للرئاسة، فأحببت أن أعتزله وأجلس في حلقة لنفسي،

فخرجت يومًا بالعشي وعزمي أن أفعل، فلما دخلت المسجد فرأيته لم

تطب نفسي أن أعتزله، فجئت فجلست معه، فجاءه في تلك الليلة نعي

لقرابته بالبصرة وترك مالا وليس له وارث غيره، فأمرني أن أجلس

مكانه، فما هو إلا أن خرج حتى وردت علي مسائل لم أسمعها منه،

فكنت أجيب وأكتب جوابي، فغاب شهرين ثم قدم فعرضت عليه المسائل

وكانت نحوًا من ستين مسالة فخالفني في عشرين منها، فآليت أن لا

أفارقه حتى يموت.

وقال محمد بن المزاحم: سمعت ابن المبارك يقول: لولا أن الله

أغاثني بأبي حنيفة وسفيان كنت كسائر الناس. وقال سليمان

ابن أبي شيخ: حدثني حجر بن عبد الجبار قال: قيل للقاسم بن معن

المسعودي: ترضى أن تكون من غلمان أبي حنيفة؟ قال: ما جلس الناس

إلى أحد أنفع من (مجالسة) (٢) أبي حنيفة.

وقال أحمد بن الصباح: سمعت الشافعي يقول: قيل لمالك: هل

رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن

يجعلها ذهبًا لقام بحجته.

وعن روح قال: كنت عند ابن جريج سنة خمسين ومائة، فأتاه نعي

أبي حنيفة فاسترجع وتوجع وقال: أي علم ذهب! .


(١) في التهذيب: يغيرها.
(٢) فى "خ": مجالسته.

<<  <  ج: ص:  >  >>