وقال حبيب بن الشهيد: سمعت إياس بن معاوية يقول: لست
بخَبٍ والخَبُّ لا يخدعني، ولا يخدع محمد بن سيرين، لكنه يخدع
أبي ويخدع الحسن، ويخدع عمر بن عبد العزيز.
وقال قريش عن حبيب بن الشهيد قال: أتى رجل إياس بن معاوية
يشاوره في خصومة فقال: إن أردت القضاءا فعليك بعبد الملك بن يعلى
فهو القاضي، وإن أردت الفتيا فعليك بالملحسن فهو معلمي، وإن أردت
الصلح فعليك بحميد الطويل، وتدري - ما يقول لك؟ يقول: دع شيئًا
من حقك، وخذ شيئًا، وإن أردت الخصومة فعليك بصالح السدوسي،
وتدري ما يقول لك؟ يقول: اجحد ما عليك، وادَّعِ ما ليس لك،
واستشهد الغيب.
وقال حماد بن سلمة عن حميد قال: لما ولي إياس بن معاوية
القضاء، دخل عليه الحسن، وإياس يبكي فقال له: ما يبكيك؟ فذكر
إياس الحديث: "القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجَنَّة" فقال
الحسن: إن فيما قص الله عليك من نبأ داود وسليمان ما يرد قول هؤلاء
الناس؛ ثم قرأ {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ ... } إلى قوله
{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} (١) فحمد سليمان ولم يذم داود.
وقال خالد الحَذَّاء: قضى إياس لذمي بشفعة وقال ضمرة
عن ابن شوذب قال: سمعت إياس بن معاوية يقول: ما بعد عهد قوم
بنبيهم إلَّا كان أحسن لقولهم وأسوأ لفعلهم.
قال خليفة وغيره: مات إياس بواسط سنة اثنتين وعشرين ومائة.
قلت: ترجمته في الأصل اثنتا عشرة ورقة فيها حكايات موثقة
تركتها.
(١) الأنبياء: ٧٨ - ٧٩.