للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غفرًا، دَعُونَا عَنْكُمْ، وَأَنْتُمْ لَوْ شِئْتُمْ لَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الَملاَئكَةُ. ثُمَّ قَرَأَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} (١).

وقذ ذكر بعضهم السر في استغفار دواب الأرض للعلماء، وهو أن العلماء يأمرون الناس بالإحسان إلى المخلوقات كلها، وبإحسان قتل ما يجوز قتله أو ذبحه من الحيوانات، فيتعدى نفعهم إلى الحيوانات كلها، فلذلك يستغفرون لهم.

ويظهر فيه معنى آخر وهو أن سائر المخلوقات مطيعة لله، قانتة له، مسبحة له غير عصاة الثقلين: الجن والإنس، فكل الخلق المطيعين لله يحبون أهل طاعته، فكيف به وهو يعرف الله ويعرف حقوقه وطاعته؟

فمن كانت هذه صفته، فإن الله يحبه ويزكيه ويثني عليه، ويأمر عباده من أهل السماء والأرض وسائر خلقه بمحبته والدعاء له، وذلك هو صلاتهم عليه، ويجعل له المودة في قلوب عباده المؤمنين.

كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} (٢).

ولا تختص محبته بالحيوانات؛ بل تحبه الجمادات أيضاً.

كما جاء في تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} (٣) أن السَّماءِ والأَرضَ تَبْكِى عَلَى المُؤْمِنِ إِذَا مَاتَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا.

وفي الحديث: "إِنَّ الأَرْضَ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِ إِذَا دُفِنَ: إِنْ كُنْتَ لأَحَبَّ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي، فَسَتَرَى إِذَا صِرْتَ إِلَى بَطْنِى صنيعي" (٤).


(١) الأحزاب: ٤١.
(٢) مريم: ٩٦.
(٣) الدخان: ٢٩.
(٤) أخرجه الترمذي (٢٤٦٠) وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

<<  <   >  >>