للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما يبغض المؤمن والعالم عصاة الثقلين؛ لأنّ معصيتهم لله اقتضت تقديم أهواء نفوسهم على محبة الله وطاعته، فكرهوا طاعة الله وأهل طاعته، ومن أحب الله وأحب طاعته أحب أهل طاعته، وخصوصًا من دعا إلى طاعته وأمر الناس بها.

وأيضًا فإن العلم إذا ظهر في الأرض وعمل به درّت البركات ونزلت الأرزاق فيعيش أهل الأرض كلهم، حتى النملة وغيرها من الحيوانات ببركته، ويستبشر أهل السماء بما يرتفع لأهل الأرض من الطاعات والأعمال الصالحات فيستغفرون لمن كان السبب في ذلك.

وعكس هذا أن من كتم العلم الذي أمر الله بإظهاره لعنه الله وملائكته وأهل السماء والأرض، حيث سعى في إطفاء نور الله فى الأرض، الذي بسبب إخفائه تظهر المعاصي والظم والعداوة والبغي.

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (١).

وقد قيل أنها نزلت في أهل الكتاب، الذين كتموا ما عندهم في كتابهم من صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وكان أبو هريرة يقول: "لَوْلَا آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا. وَيَتْلُو هَذِه الآيَةَ" (٢).

وفي "سنن ابن ماجه" (٣) عن البراء بن عازب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "في قوله: {يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (١) قَالَ: "دَوَابّ الأَرْضِ".

وقد روي هذا موقوفًا على البراء (٤).


(١) البقرة: ١٥٩.
(٢) أخرجه البخاري (١١٨) بلفظ: "لولا آيتان".
(٣) برقم (٤٠٢١).
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٥٦).

<<  <   >  >>