للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان يقولُ: يا إخوتاه، لا تغبطوا حريصًا عَلَى ثروة ولا سعة في مكسبٍ ولا مالٍ، وانظروا إِلَيْهِ بعين المقتِ له في (اشتغالِه) (*) اليومَ بما ورديه غدًا في المعاد ثُمَّ ييكي، ويقولُ: الحرصُ حرصانِ: حرصٌ فاجعٌ، وحرصٌ نافعٌ؟ فأما النَّافعُ: فحرصُ المرءِ عَلَى طاعةِ اللهِ.

وأما الفاجعُ: فحرصُ المرءِ عَلَى الدُّنْيَا مشغولٌ معذبٌ لا يسرُّ ولا يلتذُّ بجمعِهِ لشغله، ولا يفرُغُ من محبته الدُّنْيَا لآخرته، كذلك وغفلتِه عما يدومُ ويبقى.

ولبعضِهم في المعنى:

لا تغبطنَّ أخا حرصٍ عَلَى سعةٍ ... وانظرْ إِلَيْهِ بعينِ الماقتِ القالي

إِنَّ الحريصَ لمشغولٌ بشقوته ... عن السُّرور بما يحوي من المالِ

وأنشد آخر في المعنى:

يا جامعًا مانعًا والدهرُ يرمقُه ... مفكرًا أيُّ بابٍ منه يغلقُه

جمعتَ مالاً ففكرْ هل جمعتَ له ... يا جامعَ المالِ أياما تفرقُه

المالُ عندَك مخزونٌ لوارثهِ ... ما المالُ مالك إلا يومَ تنفقُه

إِنَّ القناعةَ من يَحللْ بساحتِها ... لم (ينل) (**) في ظلِّها همًّا يؤرقُه


(*) انشغاله: "نسخة".
(**) يلق: "نسخة".

<<  <   >  >>