للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا صريحٌ في أنَّه يكون استثناء في ما يستقبله من الكلام في يومه ذلك.

وأما قولُ الخطابي -أنَّه يمتنع الحنث- كقول من يقول ذلك في الاستثناء (المتصل) (١) بعد الكلام -كما حكاه عن المكيين. فأصلُ ذلك أنَّه قد رُوي عن المكيين، كعطاء ومجاهد وعمرو بن دينار وابن جُريج وغيرهم أنه ينفع الاستثناء بعد مُدة من اليمين.

ورُوي ذلك عن ابن عباس من وجوه، وقد طعن فيها كلِّها غيرُ واحد، منهم القاضي إسْماعيل المالكي، والحافظ أبو موسى المديني، وله في ذلك مصنَّفٌ مُفرد.

ورُوي عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (٢) قال: هي خاصةٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيره. خرَّجه الطبراني من وجه ضعيف.

ورُوي ذلك عن ابن جُريج أيضًا.

وقالت طائفةٌ: إِنَّمَا أراد هؤلاء أنَّ هذا الاستثناء المنُفصل، يحصل به امتثال قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (٣) وسببُ نزولها: أن قومًا سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قصة، فَقَالَ: غدًا أخبركم، ولم يقل: إنْ شاء الله، فاحتبس الوحي عنه مدة، ثم نزلت هذه الآية.

وفي الحديث "الصحيح" (٤) أنَّ سليمان عليه السلام قال: "لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ ... ". الحديث.

وفي الحديث: أنَّ بني إسرائيل، لو لم يقولوا: إنْ شاء الله، لما اهتدوا أبدًا.

يعني: إِلَى البقرة التي أمروا بذبحها.


(١) المنفصل: "نسخة".
(٢) الكهف: ٢٤.
(٣) الكهف: ٢٣ - ٢٤.
(٤) أخرجه البخاري (٢٨١٩)، ومسلم (١٦٥٤).

<<  <   >  >>