للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الحديث الَّذِي في "المسند" و"السنن" (١): أنَّ يأجوج ومأجوج يحفرون كلَّ يوم السد حتى يكادوا يروا منه شُعاع الشمس، ثم ينصرفون ويَقُولُونَ غدًا نفتحه. فَإِذَا رجعوا من الغد وجدوه كما كان أولاً فلا يفتحونه، حتى يأذن اللهُ في فتحه، فيَقُولُونَ: غدًا نفتحه -إنْ شاء اللَّه- فيرجعون فيجدونه كما تركوه فيفتحونه.

قال سعيد القداح: بلغني أن موسى عليه السلام كانت له إِلَى اللَّه حاجة فطلبها فأبطأت فَقَالَ: ما شاء اللَّه، فَإِذَا حاجته بين يديه فتعجب، فأوحى اللَّه إِلَيْهِ: أما علمت أن قولك: ما شاء اللَّه أنجح ما طلعت به الحوائج.

قال إبراهيم بن أدهم: قال بعضهم ما سأل السائلون مسألة هي أنجح من أن يقول العبد: ما شاء الله، ما شاء اللَّه. قال: يعني بذلك: التفويض إِلَى الله.

وكان مالك بن أنس كثيرًا ما يقول: ما شاء اللَّه، فعاتبه رجلٌ عَلَى ذلك.

فرأى في منامه قائلًا يقول: أنت المُعاتب لمالك عَلَى قوله: ما شاء الله؟ لو شاء مالك أنْ يثقب الخردل بقوله: ما شاء اللَّه فعل.

قال حماد بن زيد: جعل رجلٌ لرجلٍ جُعلًا عَلَى أنْ يعبر نهرًا، فعبر حتى إذا قرب من الشط، قال: عبرتُ والله. فَقَالَ له رجل: قل: ما شاء الله. فَقَالَ: شاء اللَّه أو لم يشأ. قال: فأخذته الأرض.

فلا ينبغي لأحد أنْ يُخبر بفعل يفعله في المستقبل إلاَّ أنْ يُلحقه بمشيئة اللَّه؛ فإنَّه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. والعبد لا يشاء إلَّا أن يشاء الله له.

فَإِذَا نسي هذه المشيئة ثم ذكرها ولو بعد مدة فقد امتثل ما أُمر به، وزال عنه الإثم، وإنْ كان لا يرفع عنه الكفارة ولا الحنِث فى يمنيه. ولهذا في كلام أبي الدرداء (٢): اللهم اغفر لي وتجاوز عني. فلم يسأل إلاَّ رفع الإثم دون رفع الكفارة.


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٥١٠، ٥١١)، والترمذي (٣١٥٣)، وابن ماجه (٤٠٨٠) عن أبي هريرة مع اختلاف بعض الألفاظ.
(٢) أبو داود (٥٠٨٧) عن أبي ذر.

<<  <   >  >>