للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آنستني خلواتي بك من كل أنيسي ... وتفردت فعاينتك في الغيب جليسي

"وأما كلمة الحق في الغضب والرضا":

فعزيز جدًّا، وقد مدح اللَّه منْ يغفر عند غضبه فَقَالَ: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (١) لأنّ الغضب يحمل صاحبه عَلَى أن يقول غير الحق، ويفعل غير العدل، فمن كان لا يقول إلا الحق في الغضب والرضا، دل ذلك عَلَى شدة إيمانه وأنه يملك نفسه.

وخرج الطبراني من حديث أنس مرفوعًا: "ثَلَاثٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْإِيمَانِ: مَنْ إِذَا غَضِبَ لاَ يُدْخِلْهُ غَضَبُهُ فِي بَاطِلٍ , وَمَنْ إِذَا رَضِيَ لَمْ يُخْرِجْهُ رِضَاهُ مِنْ حَقٍّ , وَمَنْ إِذَا قَدَرَ لَمْ يَتَعَاطَى مَا لَيْسَ لَهُ".

فهذا هو الشديد حقًّا كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» (٢).

ولمسلم: "مَا تَعدّونَ ذَا الصُّرَعَةِ فِيكُمْ؟ قلنا: الَّذِي لاَ تصرعه الرِّجَال.

قال: لَيسَ كَذلِكَ، وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» (٣) وقال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَوْصِنِي، قَالَ: لاَ تَغْضَبُ، فَردَّدَ مِرَارًا، قال: لاَ تَغْضَبُ" أخرجه البخاري (٤).

وفى "المسند" أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما يباعدني عن غضب اللَّه؟ قال: لا تغضب" (٥).

قال مورق العجلي: ما قلت في الغضب شيئًا إلا ندمت عليه فىِ الرضا.


(١) الشورى: ٣٧.
(٢) أخرجه البخاري (٥٧٦٣)، ومسلم (٢٦٠٩).
(٣) برقم (٢٦٠٨).
(٤) برقم (٥٧٦٥).
(٥) أخرجه الأمام أحمد في "المسند" (٢/ ١٧٥).

<<  <   >  >>