قال عطاء: ما أبكى العُلَمَاء بكاء آخر العمر إلا من غضبة يغضبها أحدهم، فتهدم عمل عشرين سنة أو ستين سنة، ورب غضبة قد أقحمت صاحبها مقحمًا ما استقاله.
كان الشعبي ينشد:
ليست الأحلام في حال الرضا ... إِنَّمَا الأحلام في حال الغضب
وكان ابن عون رحمه الله تعالى إذا اشتد غضبه عَلَى أحد قال: بارك الله فيك ولم يزد.
وقال الفضيل رحمه الله تعالى: أنا منذ خمسين سنة أطلب صديقًا إذا غضب لا يكذب عَلَيَّ ما أجده.
فإن من لا يملك نفسه عند الغضب إذا غضب قال فيمن غضب عليه ما ليس فيه من العظائم، وهو يعلم أنه كاذب، وربما علم الناس بذلك ويحمله حقده وهوى نفسه عَلَى الإصرار عَلَى ذلك.
وقال جعفر بن محمد رضي الله عنه: الغضب مفتاح كل شر.
وقيل لابن المبارك: اجمع لنا حسن الخلق في كلمة. قال: ترك الغضب.
وقال مالك بن دينار رحمه اللَّه تعالى: منذ عرفت الناس لم أبال بمدحهم وذمهم لأني لم أر إلا مادحًا غاليًا، أو ذامًّا غاليًا.
يعني أنه لم ير من يقتصد فيما يقول في رضاه وغضبه.
"وأما القصد في الفقر والغنى":
فهو عزيز أيضًا، وهو حال الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كان مقتصدًا في حال فقره وغناه.
والقصد: هو التوسط في الإنفاق، فإن كان فقيرًا لم يقتر خوفًا من نفاد الرزق، ولم يسرف فيحمل ما لا طاقة له به، كما أدب الله تعالى نبيه بذلك