للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا يُقال: إنَّ مَن كانت معصيته في شهوة فإنَّه يُرجى له، ومن كانت معصيتُه في كبر لم يُرج.

ويُقال: إنَّ البدع أَحَبّ إِلَى إبليس من المعاصي؛ لأنَّ المعاصي يُتاب منها والبدع يعتقدها صاحبُها دينًا فلا يتوب منها.

والمقصود أنَّه لما كانت النفسُ والهوى داعيين إِلَى فتح أبواب المحارم وكشف ستورها وارتكابها، جعل الله -عز وجل- لها داعيين يزجران مَن يُريد ارتكاب المحارم وكشف ستورهما.

أحدُهما: داعي القرآن، وهو الداعي عَلَى رأس الصراط يدعو الناس كلَّهم إِلَى الدخول في الصراط والاستقامة عليه، وأنْ لا يعرجوا عنه يمنة ولا يسرة، ولا يفتحوا شيئًا من تلك الأبواب التي عليها الستور المُرخاة؛ قال اللَّه عز وجل حاكيًا عن عباده المؤمنين أنهم قالوا: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} (١) والمُراد به القرآن عند أكثر السلف.

وقال حاكيًا عن الجن الذين استمعوا القرآن، أنهم لما رجعوا إِلَى قومهم قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} (٢).

وقد وصف اللهُ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بأنَّه يدعو الخلق بالكتاب إِلَى الصراط المستقيم؛ كما قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (٣).

وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} (٤).


(١) آل عمران: ١٩٣.
(٢) الأحقاف: ٣٠ - ٣١.
(٣) إبراهيم: ١.
(٤) المؤمنون: ٧٣ - ٧٤.

<<  <   >  >>