ويعرفون من ذلك ما لم يعرفه من بعدهم، ممن لم تبلغه السننُ إلا من كُتب الحديث لطول العهد وبُعده.
إذا فهمت هذا وعلمته، فهذه نصيحةٌ لك أيها الطالب لمذهب هذا الإمام أؤديها إليك خالصةً لوجه الله تعالى؛ فإنَّه "لا يؤمن أحدُكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه"(١).
إياك ثم إياك أن تحدّث نفسك أنّك قد اطلعت عَلَى ما لم يطلع عليه هذا الإمام، ووصلت من الفهم إِلَى ما لم يصل إِلَيْهِ، هذا الَّذِي ظهر فضلُ فهمه عَلَى من بعده من أولي الأفهام.
ولتكن همتك كلُّها مجموعة عَلَى فهم ما أشار إِلَيْهِ، وتعلُّم ما أرشد إِلَيْهِ من الكتاب والسنّة، عَلَى الوجه الَّذِي سبق شرحُه.
ثم بعد ذلك: ليكن همك في فهم كلام هذا الإمام في جميع مسائل العِلْم، لا مسائل الإسلام. أعني: مسائل الحلال والحرام.
وفي علم الآفاق، أعني: مسائل الإيمان بالله وملائكته وكُتبه ورسله واليوم الآخر، وهو العِلْم المسمَّى في اصطلاح كثيرٍ من العُلَمَاء بعلم السُّنة.
فإن هذا الإمام كأنَّ غاية في هذا العِلْم، وقد امتحن بسبب مسائل منه، وصبر لله علي تلك المحنة، ورضي المسلمون كلهم بقوله الَّذِي قاله ومقامه الَّذِي قامه وشهدوا أنَّه إمام السنة، وأنه لولاه لكفر الناس.
فمن كانت هذه منزلته في علم السنة، كيف يحتاج إلي تلقي هذا العِلْم من كلام أحد من العُلَمَاء غيره، لاسيما لمن ينتسب إلي مذهبه.
فليتمسك بكلامه في عامة هذا الباب، ويعرض عما أحدث من فضول المسائل التي أحدثت. وليس للمسلمين فيما أحدث حاجة؛ بل تشغل عن